الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في صراع بين بر أمي وكرهي لها بسبب قسوتها علي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عامًا، لدي مشاكل عائلية كثيرة جدًّا لن يتحملها شخص في عمري هذا. لدي أخت توأم وأخت تكبرنا بعام واحد، وأخت تبلغ من العمر 7 أعوام، وأخ يبلغ من العمر 12 عامًا.

أخي وأختي الصغيرة اللذان يبلغان 7 سنوات كانا يعيشان مع أبي وأمي في فرنسا بحجة العمل، ومعظم عائلتي تعيش في الخارج ما عدا عمتي التي نلقبها بأمي؛ لأنها هي التي قامت بتربيتنا منذ كنت في الثالثة من عمري.

قامت أمي بإيذاء أهلي في عملهم، ويريد أهلي مني ومن أختي التوأم وأختي الكبرى أن نعاملها بقسوة بسبب كثرة المشاكل التي افتعلتها عمدًا؛ حتى تدمر مستقبلهم.

هل سيعاقبنا الله سبحانه وتعالى على معاملتنا القاسية لها؟! مع العلم أنها لا تحبنا، وأبي يفعل كل شيء من أجلها ولا يهمه إذا كان هذا يؤذينا أم لا، نحن لا نريدها في حياتنا، نحن نريد فقط أبي الذي رغم قسوته أحيانًا إلَّا أن نظرة الحنان والطمأنينة تنبع منه، ولكنه في بعض الأحيان أيضًا يعاملنا بقسوة شديدة فقط من أجلها، نحن نعاني ولا نعلم ماذا نفعل، كل العائلة تعاني بسببها، عمتنا التي بمثابة أفضل أم بالنسبة لنا هي حياتنا، نحب عائلتنا ما عدا أمي؛ لأنها قامت بإيذائنا كثيرًا.

عندما كان أخي وأختي معها في فرنسا كان أخي يعاني من العنف بسببها، واضطر للسرقة والتدخين وما زال في الثانية عشرة من عمره، وهو يكرهها كثيرًا.

بالأمس تشاجرتُ أنا وأمي بسبب أنها تعاملنا بقسوة، وقامت بإيذائي بالضرب، كنت آسفة عليها لأنني افتعلت المشكلة وشعرت أني نادمة على هذا، ولكنني في صراع بين أنني لا أريدها في حياتي، وأنني لا أريد إيذاءها خوفًا من الله تعالى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

أولًا: هنيئا لكم بتلك العمة التي ساعدتكم على تجاوز الصعاب، وذللت لكم الحياة، وأعانتكم بما تقدر على التربية، فالحمد لله على ذلك، ونسأل الله أن يعينك وأخواتك على الوقوف بجانبها ومساعدتها ما أمكن لكم ذلك.

ثانيًا: دعينا نسأل الآن سؤالًا ونجيب عليه: هل وقوع الوالدة في الأخطاء، أو شدة قسوتها على أولادها، موجب لتركها أو لمعاملتها بقسوة؟

الحق -أختنا- أن بر البنت بأمها ليس معاوضة، وإنما واجب عليها أحسنت الأم أم أساءت، أخطأت في حقهم أم أصابت، حتى لو كانت عاصية، هكذا علمنا القرآن حين ذكر لنا طريقة المعاملة مع الأب الكافر، وليس الكافر فقط، بل الكافر الذي يحرض أولاده على الكفر، قال الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، فانظري -بارك الله فيك- كيف أن الله أمر بمصاحبتها بالمعروف حتى وهي كافرة، بل وهي تجاهد من أجل أن يكفر أولادها.

ثالثًا: إننا نوصيك -أختنا- بما يلي:

1- الإحسان إلى العمة على قدر استطاعتك دون أن يدفعك الإحسان إلى الظلم.
2- بر الوالدة، وعدم مقابلة قسوتها -إن وجدت- بالقسوة، بل أحسني إليها التماسًا للأجر من الله تعالى.
3- ليس من شرط الإحسان إلى الأم أن تخبري العمة إن علمت أن ذلك يغضبها.

وأخيرًا: اعلمي أن الأم ستبقى أمًا وإن أخطأت، وأن حديثها عن حبها لكم حقيقي وإن قست، فأحسني إليها استجابة لأمر الله تعالى ببرها، وستجدين بركة ذلك في دينك ودنياك وآخرتك.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً