الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي رهبة وهلع شديدين من الجن والموت، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولًا: أشكر المسؤولين عن هذا الموقع الرائع، ووفقهم الله.

مشكلتي هي أنني أعاني من رهبة وهلع شديدين من الجن والموت.
من ناحية الموت: أصبحت أفكر فيه في كل لحظة، ولو حصل لي أي شيء ولو كان خفيفًا من تعب أو غيره أربطه بالموت، وعند السماع عن عدد الأشخاص الذين يموتون في قريتي يعزز ذلك من رهبة هذه الفكرة.

ومن ناحية الجن: فهذه مشكلتي منذ أن كنت صغيرًا، فعندما كنت في المرحلة الابتدائية استلمت جائزة لفوزي بمركز جيد في مسابقة القرآن الكريم، ورجعت للبيت ونمت، ولكني استيقظت في منتصف الليل، وذهبت للمطبخ لأشرب الماء، فسمعت صراخًا شديدًا جدًا بجانبي تمامًا، ولم يكن صوتًا بشريًا، ومن شدة قوته كاد أن يصيبني بالصمم، ربطتها بالجن، ومنذ ذلك الوقت أصبحت تأتيني أحلام على هيئة أشياء تتحرك في غرف البيت بشكل مخيف، مع أصوات غريبة وغير مفهومة الغرف المغلقة، وعندما أقرر فتحها يصاب جسمي بقشعريرة شديدة، ثم أستيقظ من النوم وأنا أصرخ، وربما أبكي أحيانًا بعدها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يحفظك من كل مكروه وسوء، وأن يصرف عنك ما يقلقك، إنه جواد كريم.

أخي الكريم: ليست مشكلتك مع الجن، ولا مع الموت، إنما مشكلتك مع نفسك أنت، ومتى ما أدركت ذلك اقتربت منك العافية، فانتبه -أخي الكريم- لما سنقوله لك:

الإنسان -أي إنسان- هو أسير لما يخشاه، أسير لما يقلق منه، أسير لما يحذره، وإن كان ما يخشاه تافهًا، وقد رأينا في دنيا الناس من يخاف أشد الخوف من (الصرصور)، بل ربما لو رأى أسدًا ما خاف هذا الخوف، والسؤال: هل لأن (الصرصور) أقوى منه، أو أقوى من الأسد؟ بالطبع لا، ولكن لأنه عظّم وضخّم ما يقلقه فوق ما يجب.

الأخ الكريم: الجن الذي أرعبك لا يملك من أمره شيئًا، هو ضعيف لا يقدر أن يحرك ساكنًا، ولا يسكن متحركًا إذا لم يأذن الله في ذلك، وهو ليس له سلطان على المؤمنين، فالمشكلة ليست في وجوده أو التعامل معه، وإنما في تضخيم البعض لقدراته، إلى أن يقتنع من داخله بضعفه أمامه، ويكون بذلك تحت تأثير عدوين:

أهونهما: الجن.
وأشدهما: النفس المهزومة، والمقتنعة.

وأما الموت فقد ربطه البعض بالخوف والقلق منه، والبعض يتصوره نهاية سعادته، شأنه شأن الجنين الذي يصرخ ألمًا عند خروجه من بطن أمه؛ ظنًا منه أن السعادة ستنتهي بخروجه، لكنه بعد فترة يقضيها في الدنيا ويستمتع بها يرفض رفضًا قطعيًا أن يعود إلى المكان الذي بكى عند الخروج منه؛ لأنه قد ذاق نعيم ما كان قلقًا منه!

وهكذا حال الإنسان بعد الموت يوم أن يطمئن إلى مرضاة الله عليه ودخوله الجنة، ساعتها لو عرض عليه أن يعود ليكون ملكًا لأهل الأرض كلهم سيرفض قطعًا.

أخي الكريم: لا ينبغي أن تخاف من الجن؛ لأنه ضعيف، ولا أن تخاف من الموت؛ لأنه مرحلة يعقبها جنة عرضها السماوات والأرض، يجب عليك أن تتهيأ لها بالصالح من الأعمال.

يوم أن تتعامل مع الأمرين بهذا الأسلوب وتفهمهما جيدًا، سيزول عنك هذا الخوف والقلق، وإنا نوصيك بما يلي:

1- الاقتناع التام بضعف الجن، وأنه ليس له سلطان إلا الوسوسة، وعلاجها بالتجاهل.
2- التفاعل الإيجابي عند كل تحسن تراه، مع إرسال رسائل إيجابية إلى المخ واضحة، بأن الأمور تسير للأفضل، هذا جيد وضروري؛ لأن القناعة الذاتية تساعدك على تجاوز تلك المرحلة.
3- عدم التفكير السلبي، أو الجلوس مع أناس يغلب عليها السلبية، بل اجتهد في صحبة صالحة.
4- ابتعد عن الفراغ، فإنه ساحة التفكير السلبي، وأشغل نفسك دائمًا، إما بعمل فكري، أو جهد بدني، كالرياضة، المهم ألا تصاحب الفراغ.
5- داوم على أذكارك الصباحية والمسائية، وأذكار النوم، مع الدعاء لله تعالى أن يصرف عنك ما تجد.

نسأل الله أن يحميك وأن يحفظك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً