الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخطأت وتواصلت مع امرأة متزوجة عبر الهاتف!

السؤال

قمت بالتواصل مع امرأة متزوجة، ومارست معها الفاحشة والزنا في الهاتف (لم ألتقِ بها مباشرةً، ولم أمارس معها الزنا بشكل مباشر أبدًا) غير أنني خائف جدّا من أن أهلها -زوجها وأولادها ووالديها وأخواتها- لن يسامحوني يوم القيامة، فما العمل؟ وقد عزمت على التوبة، وعدم العودة لارتكاب الذنوب والمعاصي.

هذا المعضلة باتت تؤرقني كثيرًا، وأريد أن أعرف ما عليَّ فعله الآن لكي أتخلص من هذه المشكلة، وما العمل؟

أرجو أن تُجيبوني جوابًا شافيًا وكافيًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- باستشارات إسلام ويب.

أولًا: نحن نهنئك بفضل الله تعالى عليك الذي حبب إليك التوبة، وأيقظك من غفلتك، وهذه علامة -إن شاء الله- على أن الله تعالى يريد بك الخير، فإنك لم تُقبل على التوبة وترغب فيها إلَّا بسببٍ باطنٍ خفيٍّ لا تُدركه ولا تَلمسه، وإنما تلمس آثاره، وهو توبة الله تعالى عليك، فإنك لن تتوب إلَّا بعد أن يتوب الله عليك، كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة: {ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم}.

فنوصيك أيها الحديث بأن تبادر، وتسابق الوقت لاغتنام هذه الرغبة التي غرسها الله تعالى في قلبك، وتُحقِّق هذه التوبة على أرض الواقع، وألَّا تماطل وتسوِّف وتؤجِّل؛ فإن الإنسان قد يُؤجِّل عملًا صالحًا ثم يفجأه الموت قبل ذلك، ولذلك ورد في الحديث: (الأناة في كل شيء خيرٍ إلَّا في عمل الآخرة)، يعني التمهل والتأني في الأمور كلها خير إلَّا في أمور الآخرة، فينبغي الإنسان أن يُبادر ويُسابق، وقد أمرنا الله تعالى بذلك في كتابه الكريم فقال: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} وقال: {وسابقوا إلى مغفرة من ربكم}، والنصوص في هذا المعنى من القرآن الكريم ومن الأحاديث النبوية كثيرة جدًّا.

فبادر إلى التوبة من ذنوبك، والتوبة تعني الندم على فعل الذنب، والعزم في القلب على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عنه في الحاضر، في الوقت الحاصل، فإذا فعلت هذا؛ فإن الله تعالى يقبل توبتك، ويغفر لك ذنبك، ويتحول الإنسان بعد التوبة إلى حال أخرى ربما أفضل مما هو عليه قبل أن يفعل الذنب، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وأخبرنا الله في كتابه أنه يبدل سيئات التائب حسنات، وأنه يفرح بتوبة عبده، وأنه يحب التوابين ويحب المتطهرين، فافرح بفضل الله تعالى عليك، وبادر إلى هذه التوبة.

وأمَّا حقوق العباد التي أشرت إليها ففي هذه الجريمة -على وجه الخصوص- وفي هذا الذنب لا ينبغي أبدًا أن تفضح نفسك، وأن تُخبر أحدًا من الناس بما جرى معك، فلا تُحدِّث أحدًا من أقاربها، ولا زوجها، ولا غير ذلك.

فاعزم توبتك بندمك على ذنبك، واعلم أن الذنوب عواقبها وخيمة، وأن من جاهد نفسه وتاب فإنه موعود -بإذن الله تعالى- بجنات عدن، فقد قال سبحانه وتعالى: {وأمَّا من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى}.

فبادر إلى التوبة واستر على نفسك، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فمن أصاب شيئًا من هذه القاذورات فليستتر)، وقال: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) هكذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

نسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وخير ما نوصيك به الرفقة الصالحة، فحاول أن تتعرف على الشباب والرجال الطيبين، وأن تديم التواصل معهم، والجلوس معهم في مجالس الخير والذكر والعلم؛ فإن هذا من أعظم الأسباب التي تثبتك على التوبة.

وفقك الله لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً