الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سفر زوجي الطويل أثر علي وعلى أولادي، فهل يمكن الانفصال؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسافر زوجي منذ 22 سنة، وكان يزورنا في الإجازة لمدة شهر كل سنة، ونحن على هذا الحال منذ 12 سنة، فطلبت منه العودة للعيش معنا، ولكنه رفض رفضًا تامًا، فطلبت منه النزول مرتين أو ثلاث مرات خلال السنة، وبالفعل قام بذلك، ولكنه كان يؤدي عمله عن بعد خلال الإجازة.

علمًا بأن العلاقة بينه وبين الأولاد معدومة، ومعي كذلك، وصرت لا أطيق المعاشرة الزوجية، ولا أطيق التعامل معه نهائيًا، ونتعامل كالغرباء، فهل يجوز الانفصال بيننا دون طلاق رسمي، وذلك من أجل الشكل العام أمام العائلة والمجتمع، أم هذا حرام؟

أجيبوني بالله عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sayeda حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك بالموقع، وحرصك على الوقوف عند حدود الله تعالى، وعدم الوقوع في مخالفة أمره وشرعه.

ونود أولًا: -أيتها الأخت العزيزة- أن نذكركِ بأن ما يبذله زوجك من جهد، وما يتحمله ويعانيه من السفر والغربة؛ إنما يفعل ذلك كله ليعف نفسه ويعف أسرته، ويحاول أن يعيش أبناؤه حياة ميسرة سهلة، وينبغي لأفراد الأسرة أن يقدروا له هذا الجهد، ويشكروا له هذا العناء، هو من شكران الجميل، والله تعالى يحب العبد الشكور، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله".

فينبغي التعامل مع هذا الرجل وفق هذا المعيار، وإن كان هذا لا يبرر له التقصير في حقوقك أنت، ولا يخوله أيضًا إسقاط حق من حقوقك دون رضاك، وكذلك حقوق أولاده، ولكن بالتعاون تصلون -بإذن الله تعالى- إلى كمال المطلوب، ومن حق الزوج أن يغيب عن زوجته مدة للعمل والكسب، والعلماء يختلفون في تقدير هذه المدة، فمنهم من يجعلها ستة أشهر، منهم من يزيد على ذلك.

فإذا كان الزوج يلتزم بهذا القدر من الحق الواجب عليه، فإنه لا يجوز لك أن تقصري في حقه دون رضا منه، كما لا يجوز لك أن تلجئيه إلى الموافقة تحت أي نوع من أنواع الضغط، ومنه الحياء، فيجب عليك أن تقومي بواجب الزوجة، فإن الله تعالى أمر كلا الزوجين بالمعاشرة بالمعروف، وأتت النصوص الكثيرة في كتاب الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- التي تحض المرأة على طاعة الزوج، والوفاء بحقه.

أما إذا وصلتما إلى حالة من التوافق والرضا، واصطلحتما على العيش دون معاشرة زوجية، وكان ذلك برضا الزوج دون إلجاء أو ضغط عليه، فإنه جائز، ولو لم يحصل الطلاق، ولكننا لا ننصح بذلك، فإن الله تعالى جعل الزوجين كل واحد منهما لباسًا للآخر، وسكنًا للآخر.

فاحرصي على أن تكوني سببًا في إعفاف زوجك، وأن تكوني سكينة له، وتحملي ما قد يقع منه من تقصير في بعض الحقوق، إذا كان في سبيل السعي لرغد العيش للأسرة، وذكريه بالأسلوب الأجمل، والطريقة المثلى، لأن الحياة فيها جوانب كثيرة، وليس المال وحده، واستعيني على إيصال هذه النصيحة وهذا التذكير بكل الوسائل المؤثرة عليه، ولو بأن تستعيني بمن له كلمة مسموعة عنده.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكما لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً