الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف والحزن عند الاستيقاظ لصلاة الفجر، ما سببه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عند استيقاظي لصلاة الفجر، أشعر في كل مرة بشعور سيئ جدًّا، وتتراكم عليّ مشاعر من الخوف والوحشة والحزن الشديد، وتكون قوية جدًّا على نفسي، حتى إنني بدأت أخاف من القيام لصلاة الفجر بسبب تلك المشاعر، فما العمل؟ وما سبب تلك المشاعر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بكم في استشارات إسلام ويب، وإنا لنرجو الله أن يبارك فيكم، وأن يحفظكم بحفظه.

إن ما تجدونه من ضيقٍ عند استيقاظكم لصلاة الفجر، وما يصحبه من مشاعر الخوف والوحشة والحزن، ليس أمرًا نادرًا، بل قد ابتُلي به كثير من الصالحين، وهو -في الغالب- من مداخل الشيطان على النفس المؤمنة، يريد به صرفها عن القيام لصلاة الفجر، وزرع الرهبة في وقتٍ جعله الله وقت أنسٍ ومناجاة، لا وقت نفورٍ ووحشة.

فلا تحسبن هذا الشعور علامة على كراهة العبادة، أو ضعف الإيمان، بل هو على العكس؛ لأن الشيطان لا يحارب إلا قلبًا عرف طريق الله، وأحب الصلاة، وذاق لذّة القرب، فيأتيه من جهة النفس ليعكّر عليه هذا النور، وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَآئِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ [الأعراف:201].

وقد يكون لهذه المشاعر أسباب أخرى، كاضطراب النوم، أو بعض الأعراض النفسية الخفيفة، التي تتزايد مع الإرهاق، وتظهر عند الاستيقاظ المباشر، وهي تزول بالمجاهدة، والدعاء، وتنظيم نمط النوم، والتغذية، والذكر، وإليك -ثبتك الله- خطوات عملية نافعة للتعامل مع هذا الحال:

1. المجاهدة وعدم الانقطاع عن صلاة الفجر، قاوم هذا الشعور بقوة، واعلم أن القيام للفجر -ولو مع الضيق- جهادٌ في سبيل الله، والله لا يضيع مجاهدة عباده.

2. قراءة الأذكار قبل النوم، حافظ على أذكار النوم، فإنها تحصّن النفس من الوساوس والهموم، وتمنحك طمأنينة عند الاستيقاظ.

3. الاستعاذة عند الاستيقاظ، إذا استيقظت فقل مباشرة: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" واقرأ قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ) إلى آخر الآيات.

4. تغيير نمط الاستيقاظ، اجعل وقت الاستيقاظ هادئًا، افتح نورًا خفيفًا، اشرب ماءً، استنشق هواءً باردًا، وابدأ يومك بتفاؤل، لا تقف عند الشعور، بل تجاوزه بالحركة.

5. الوضوء والدعاء عند الضيق، توضأ على مهل، واذكر الدعاء المعروف بعد الوضوء (أشهد أن لا إله إلا الله، وحده، لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)، ثم صلِّ ركعتين قبل الفجر، وادعُ الله أن يجعل هذه اللحظات أحبّ اللحظات إلى قلبك، وأن يذهب عنك كل همٍّ وخوفٍ ووسوسة.

6. الالتزام بأذكار الصباح عقب الفجر مباشرة، فهي من أعظم ما يشرح الصدر، ويملأ القلب نورًا، ويُبعد عنك الأحزان والخواطر السوداوية.

7. مراجعة طبيب مختص، إن استمرت المشاعر بقوة ولفترة طويلة، وشعرت أنها أثّرت على حياتك اليومية أو عبادتك، فلا بأس باستشارة طبيب نفسي ثقة، فالاستعانة بالخبراء لا تتنافى مع الإيمان، بل هي من أسباب التداوي المشروع.

نسأل الله أن يشرح صدرك لصلاة الفجر، ويجعلها قرة عينك، ويبدّل خوفك أمنًا، وحزنك سكينة، ويملأ قلبك نورًا ورضًا وثباتًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً