الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل علاج الانتكاسة والوسواس القهري الحالي فعّال؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أختي تعاني من اضطراب نفسي ووسواس قهري غير محدد، مع وجود تاريخ مرضي، كانت تتناول أدوية "أبيليفاي"، و"لاموتجرين"، و"باروكسيتين" 12.5، وتحسّنت حالتها كثيرًا بعد فترة، بعد التحسن، قرر الطبيب إيقاف "أبيليفاي"، وبدأت في تناول "فافرين"، و"باروكسيتين"، و"لاموتجرين"، و"أنافرانيل"، وكانت حالتها مستقرة جدًا.

مؤخرًا، عادت لها بعض الأفكار القديمة، التي كانت تعاني منها قبل بدء العلاج، وشخّص الطبيب الحالة على أنها انتكاسة مع تغير موسمي، فوصف لها "أكتيون" قرصًا ليلاً، و"لاميكتال" -من عائلة لاموتجرين- "وأبيكسيدون"، وطلب منها إنهاء شريط الأنافرانيل، ثم التوقف عنه.

مرّ على هذا العلاج يومان فقط، لكنها الآن متعبة جدًا، ومرهَقة، وتشعر برغبة شديدة في النوم طوال الوقت، كما أنها عند الاستيقاظ، تشعر بثقل في لسانها، لا تزال تراودها أفكار متكررة ومزعجة، تقول: إنها كلما قاومتها عادت بشكل أقوى، من بين هذه الأفكار أنها ستظل هكذا دائمًا، أو أن أحدهم قد عمل لها سحرًا، لكنها تقاوم، وإن لم يكن بنفس القوة السابقة، إلا إنها تشعر بالخوف والتعب.

فهل العلاج الحالي فعّال حقًا لحالات الوسواس القهري، والاضطرابات النفسية؟ وهل "أكتيون" مناسب فعلًا؟ مع العلم أن أساس استخدامه معروف في علاج مرض الرعاش (باركنسون)، وما هي مدة استمرار هذه الأعراض الجانبية؟ وهل هناك شيء إضافي يمكنني فعله لمساعدتها؟ خصوصًا أنها عنيدة جدًّا، وأشعر أن لديها أنيميا، لكنها ترفض تمامًا إجراء أي تحاليل لازمة.

وشكرًا جزيلًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لأختك العافية والشفاء.

أولًا، يجب أن يُحدَّد التشخيص بدقة، وقد ذكرتِ أن أختك تعاني من اضطراب نفسي ووسواس قهري، إلَّا إن نوعية الاضطراب النفسي غير واضحة بالنسبة لي، لكن من خلال الأدوية التي تتناولها، ربما يكون لديها أحد الأمراض التي تندرج تحت فئة الحالات الذهانية، لذا فإن معرفة التشخيص بصورة دقيقة أمرٌ جوهري؛ لتحديد الخطة العلاجية المناسبة.

مع احترامي الشديد للطبيب المعالج، فإن الأدوية التي تتناولها بالفعل كثيرة ومتعددة، وأنا لا أشكك أبدًا في كفاءة ومقدرة الطبيب، وهناك طبعًا مدارس ومناهج مختلفة في الطب النفسي، لتحديد العلاجات المناسبة.

أما عن الآثار الجانبية التي تحدثتَ عنها، مثل الإرهاق، التعب، كثرة النوم، وثقل اللسان، فهي ناتجة عن الأدوية، ومن وجهة نظري، فإن تخفيف هذه الأدوية سيكون مفيدًا، وأعتقد أن دواء إلى دوائين فقط، قد تكون كافية جدًّا في حالتها.

بالنسبة لدواء "الأكتينون" (Akineton)، فعلًا هو يُستخدم لعلاج الآثار الجانبية المشابهة لأعراض مرض شلل الرعاش (باركنسون)، وهي أعراض قد تنتج عن مضادات الذهان على وجه الخصوص، والـ (أكتينون) من ناحية الفعالية العلاجية لا يعالج المرض الأساسي، لكن له فعالية جيدة في تخفيف هذه الآثار الجانبية الناتجة عن الأدوية، فأرجو مراجعة الطبيب، وأنا متأكد أنه سيتفهم أن أختك -حفظها الله- لا تستطيع أن تتحمل هذه الكمية من الأدوية، ولن تتعاون في تناولها نسبةً لشدة الآثار الجانبية، وسيقوم الطبيب -بإذن الله- بالواجب، ويقلل عدد الأدوية أو يختصرها.

أمَّا بالنسبة لموضوع السحر، فهو اعتقاد شائع في مجتمعنا، والسحر موجود، ونحن كأطباء مسلمين لا ننكر ذلك، لكن ما نرفضه هو المبالغة في تفسير كثير من الحالات النفسية من خلال السحر فقط، أو جعله التفسير الوحيد لكل عرض نفسي أو مرضي، وعليه، لا أنصحكم بالاهتمام الزائد بهذا الجانب، بل يجب تحصين نفسها، وهي -بإذن الله- في حفظ الله تعالى، وهذه الحالات المرضية مرتبطة بكيمياء الدماغ، ولا نعتقد أنها ناتجة فقط عن السحر أو العين، أو مرتبطة ارتباطًا كاملًا بموضوع العين والسحر.

فيما يتعلق بفعالية الأدوية لعلاج الوسواس القهري والاضطرابات النفسية، فمن الصعب تحديدها بدقة؛ لأن الأدوية التي تتناولها كثيرة، الـ "لاميكتال" (Lamictal) مثلًا ليس له فائدة في علاج الاضطرابات النفسية، أو الوسواس القهري، بل يستخدم كمثبّت للمزاج في حالات الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، خصوصًا في القطب الاكتئابي.

أمَّا الـ "أبيكسيدون" (Apexidone) دواء فعّال لعلاج الذهان، وطبعًا الـ "أنافرانيل" (Anafranil) دواء ممتاز جدًّا لعلاج الوسواس القهري، لكن بجرعات كافية، وتحت إشراف طبي.

ساعديها -أيتها الأخت الفاضلة- بدعمها وتشجيعها على مراجعة الطبيب، والالتزام بالعلاج، وكونوا دائمًا إيجابيين معها، إيجابية في كل شيء، في التعامل، في النصائح، وفي مواجهة الصعوبات، وهذا من أفضل ما يمكن تقديمه لها.

بالنسبة للفحوصات العامة: هي طبعًا مهمّة جدًًا، وأعتقد حتى الطبيب النفسي يمكنه أن يقوم بإجراء الفحوصات العامة، التأكد من قوة الدم، وظائف الكبد والكلى، الغدة الدرقية، مستوى فيتامين (B12)، وفيتامين (D)، هذه فحوصات روتينية، تُجرى في العديد من العيادات النفسية، ويمكنكم طلب فحصها مختبريًّا عند الزيارة القادمة للطبيب.

بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرًا، ونسأل الله لكم السداد والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً