الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محتارة في القبول بمتزوج أو أعزب كليهما أخلاقه مقبولة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولاً: جزاكم الله خيرًا على توجيهاتكم ونصحكم، وإرشادكم للمسلمين والمسلمات.

هناك شخصان يرغبان في التقدم لخطبتي: أحدهما أخلاقه مقبولة، ولديه عمل، لكنه لا يمتلك منزلًا، وأواجه مشكلة في تحويل عملي، إذ قد يستغرق التحويل وقتًا طويلًا إلى بلده؛ لأنه ليس من بلدي.

أما الشخص الآخر: فهو متزوج ومن بلدي، وهذا يجعل مشكلة تحويل العمل التي أواجهها أقل صعوبة، وهو أيضًا مقبول أخلاقيًا، وله جميع المؤهلات من سكن وعمل.

لكنني أفكر في حياة زوجته ومشاعرها التي قد تتأثر بدخول امرأة أخرى في حياتهما، ومن ناحية أخرى: علمت أن هناك توترًا بينه وبين إخوته؛ بسبب تعقيدات عائلتهم ذات القرابة المزدوجة، إذ هو وإخوته أبناء الزوجة الثانية لأبيهم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Malika حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ اهتمامك وحرصك على استشارة أهل الاختصاص، ونكرر الترحيب بكِ في موقعك، ونحن في خدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله أن يُقدِّر لكِ الخير ثم يرضيكِ به.

لا شك أن الخاطب الذي يتقدّم ينبغي النظر إليه نظرة شاملة، وإذا تقدّم شخص وقُبِل به، فلا يجوز إدخال غيره؛ لأنه لا يجوز الخِطبة على خِطبة أخيه.

أما إذا لم يُعطَ الأول ردًّا واضحًا، ثم تقدّم الثاني، فمن حقنا أن نطلب فرصة للنظر والمفاضلة بين الاثنين، ومن المهم بعد ذلك أن تختار الفتاة من تجد في نفسها ميلًا وانشراحًا تجاهه؛ لأن هذا الميل والارتياح النفسي يُعدّ من المؤهلات الأساسية لبناء أسرة مستقرة وناجحة.

وعليه: فإذا كان المتقدّم هو الخاطب الأول صاحب المواصفات الجميلة، ولم يسبق له الزواج، لكنكِ تطلبين منه تحويل عملك لتذهبي إلى بلده -كما فهمنا-، فهناك صعوبات ينبغي أن تفكري فيها جيدًّا.

أمَّا الخاطب الثاني: فهو أيضًا يمتلك نفس المؤهلات، لكنه متزوج من زوجة أولى، وأنتِ تجدين في نفسك كراهية للدخول على هذا الوضع؛ خشيةً العواقب التي يمكن أن تحدث، ورعاية لمشاعرهم، خاصة وقد أشرتِ إلى أن أفراد أسرته عندهم علاقات أسرية فيها بعض الإشكالات؛ لكونهم أبناء زوجة ثانية لأبيهم، وهذه حساسيات قد توجد في بعض الأسر المتشابكة بالطريقة المذكورة.

عمومًا: الشرع يجعل الخيار لكِ؛ فأنتِ صاحبة القرار، ولكن ينبغي للمرأة أن تستشير أولياءها؛ لأن الرجال أدرى بالرجال، وأقدر على تقدير هذه الأمور، ولا أحد أحرص على الفتاة من والدها وإخوانها وأعمامها، الذين تُسمّيهم الشريعة (المَحارم).

فاطلبي عونهم ومساعدتهم في الاختيار؛ فهم أهل الرأي والمشورة، وهم يعينونك على تمييز الميزات والصفات الموجودة في هذا الشخص أو ذاك، لكن القرار النهائي يبقى لكِ؛ لأنكِ صاحبة المصلحة، وأنتِ من ستعيشين مع من تختارينه.

أيضًا من المؤشرات الأساسية: عليك أن تقبلي بمن تجدين معه الراحة والارتياح والانشراح والاستقرار، هذا من المعاني الجميلة، ودور أولياء الفتاة جميعًا دور إرشادي وتوجيهي، يساعدون في تحديد الميزات الموجودة في هذا الشخص أو ذاك، لكن تظل الفتاة هي صاحبة القرار، وهي صاحبة المصلحة.

وقد جعلت الشريعةُ النظرة الشرعية أمرًا مطلوبًا لكلا الطرفين؛ حتى يتحقق بعدها الارتياح والانشراح، وقد يحصل بعد النظرة نوع من الانقباض، لكن إن وُجد الميل المتبادل والارتياح المشترك، فحينها نقول: "لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح".

والإنسان ينبغي له أن يستشير ويستخير، ثم يتخذ قراره بعد ذلك، ولن تندم مَن تستخير ربها، وتستشير محارمها، والعارفين بأحوال الرجال من أخوالها وأعمامها؛ لأنها بذلك تسلك الطريق الصحيح في اتخاذ القرار.

إذًا: أنتِ بحاجة إلى مزيد من البحث والتأني، مع أهمية إدخال المحارم في هذا الموضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لكِ الخير ثم يرضيكِ به.

أيضًا لا بد من النظر في صعوبات تحويل العمل، وإمكانية هذا التحويل؛ هذه كلها أمور من المهم النظر إليها حتى تكون النظرة شاملة، فإن القرار الصحيح هو ما كان بعد نظرة شاملة، وبعد استشارة، وبعد استخارة، ونسأل الله أن يُقدّر لكِ الخير ثم يرضيكِ به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً