الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحبها وتحبني بلا تواصل ولا كلام.. فما النصيحة لنا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحب فتاة محترمة، وهي حافظة لكتاب الله، وأنا كذلك، وهي تبادلني نفس الشعور، وقد أحببتها منذ ثلاث سنوات، لا أكلمها لا في الواقع ولا عبر الهاتف، وقد علمتُ بأنها تحبني عن طريق شخص مقرّب منها.

نحن لا نتواصل بشكل مباشر، ولكن هناك تلميحات متبادلة، مثل: أنني أمتلك حسابًا على "تيك توك" وهي كذلك، ولا نتحدث عبره، ولكنني أشارك أحيانًا منشورات تتعلق بالحب الحلال والزواج، وكأنني أعبّر عن مشاعري من خلالها.

أنا متمسك بها، وأشعر أنها أيضًا لا تنوي تركي، وحتى عندما أراها في الشارع أو في الكُتّاب، لا نتحدث إلا في حدود الأدب والضرورة، وأحيانًا أنظر إليها دون أن تلاحظ، فهل ما أفعله يُعتبر حرامًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Roga حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يجبر قلبك، ويشرح صدرك، ويرزقك طمأنينة في الرضا، ونورًا في البصيرة، وعوضًا خيرًا مما تتمنى وتحب.

نُثني على صدقك، ونشكر لك رغبتك في السير على الطريق الصحيح، حفظك الله وشرح صدرك.

إن محبتك لفتاة صالحة حافظة لكتاب الله لا شك أنه شعور طيب في أصله، لكنَّ الحلال لا يبدأ بنظرات خفية، ولا بإشارات التيك توك، ولا بتعلّق القلب في السر، بل الحلال يبدأ حين تكون رجلًا مسؤولًا، قادرًا على أن تطرق الباب، وتطلبها بالحلال في وضوح وطهارة.

أنت اليوم ابن خمس عشرة سنة، ما زلت في أول الطريق، فاجعل قلبك لله، واجتهد في بناء نفسك، واحفظ نظرك، وأغلق أبواب التلميح، لأنها معصية، بل قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "العينان تزنيان وزناهما النظر".

وكل لحظة تنظر فيها إليها خفية، وكل مقطع ترسله ليصلها، وكل مرة تقف حيث تراها، هو مما لا يرضاه الله، وهو حرام، ومعصية تسجَّل عليك في صحيفتك، فانتبه!

فهل تحبها حقًّا؟ إذًا احفظها الآن من معصية الله، وانتظر حتى تكون مستعدًّا فتتقدم لها بالحلال لا بالحرام، وإن كنت تعلم أنك لا تستطيع الزواج الآن، فاستعن بالله على نسيانها، واشتغل بطاعة الله، وسيعوّضك الله خيرًا مما تتصور، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}، وإننا ننصحك بما يلي:

أولًا: أغلق الباب تمامًا، واحذف حسابها من تيك توك، أو أي وسيلة توصلك إليها، ولا تدخل مكانًا تراها فيه، ولا تتقصّد حضورها، ولا تتبع أخبارها من أحد، والنسيان لا يبدأ بالقلب، بل بالعين والسمع والفكرة.

ثانيًا: أوقف التغذية العاطفية، ولا تضع مقاطع عن الحب، ولا تنشر ما يشير لها أو يُشعل الذكريات؛ فهذه الأمور تجدد التعلّق وتغذّي الأمل الوهمي، وتعيد القلب إلى نقطة الصفر.

ثالثًا: أشغل وقتك فورًا، والتحق بحلقة قرآن، أو دورة في البرمجة أو اللغة، أو أي مشروع تطوعي، واجعل يومك ممتلئًا، من خلال: تنظيم نومك، والدراسة، والتمرين، والحفظ، وخدمة أهل.

القلب لا يفرغ من شيء إلا بامتلائه بشيء آخر، فاملأه بطاعة الله.

رابعًا: داوم على أذكار الصباح والمسا، خاصة: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين"، وقل في سجودك: "اللهم اصرف قلبي عمّن لا خير لي فيه، واشغلني بما يُرضيك عني، واملأ قلبي بك وحدك".

خامسًا: تذكّر أنك ما زلت صغيرًا، عمرك دون العشرين، وأمامك سنوات كثيرة سيتغير فيها تفكيرك، وتتبدل نظرتك للأشخاص، ولا تبنِ عمرك على لحظة عاطفية، ولا تجعل مشاعرك حكمًا على قدرك.

نسأل الله أن يصرف عنك همّ القلب، وفتنة التعلّق، وأن يُبدلك حبًا حلالًا يسعدك، وزوجةً طيبة تحفظك، وأن يجبر كسرك، ويثبتك على الطاعة، ويملأ قلبك برضا لا يزول، وأملٍ لا يخيب.

اللهم إن هذا الفتى قد طرق بابك، وابتغى مرضاتك، فاجعل له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل تعلق عوضًا، واغنه بحبك، وارزقه من فضلك، وأكرمه بما تمنّى، واجعل له في كل دعاء طريقًا، وفي كل خطوة نورًا، وفي كل قلبٍ ذِكرًا لك وطمأنينة بك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً