الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وقع مراهق من أقاربنا في خطأ كبير، فهل نستر عليه أم نخبر أهله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرًا لكم على جهودكم المباركة، وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم.

أنا مغترب، وقد أخبرتني زوجتي مؤخرًا بواقعة صادمة أفجعتنا وأربكتنا نفسيًا، فقد زارهم ابن خالتها الذي لا يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، وبعد جلوسه لبعض الوقت، تفوّه بكلام بذيء وطلب منها ارتكاب الفاحشة -والعياذ بالله- مما أصابها بذهول شديد، خصوصًا أننا نعرفه ونحسبه على الخير، ونُكنّ كل الاحترام لعائلته التي نثق في دينها وخلقها!

أخبرتني زوجتي أن مظهره وتصرفاته لم تكن طبيعية، وبدت عليه علامات تُشير إلى احتمال تعاطي شيء ما (كدخان أو مواد تؤثر على الإدراك)، نصحتها بأن تُخبر والدته بطريقة خاصة تحفظ الكرامة وتُجنب الفضيحة، لعلهم يتداركون الأمر قبل أن يتفاقم ويؤذي أحدًا آخر.

سؤالي هو:
1. كيف نتصرف شرعيًا وتربويًا في مثل هذا الموقف؟ وهل من الأفضل الستر والتوجيه، أم المصارحة التامة؟
2. إن قمنا بتعنيفه أو ضربه، هل نأثم؟
3. ما الخطوات الوقائية التي يُنصح بها، لتدارك مثل هذه السلوكيات مستقبلاً، خاصة عند التعامل مع المراهقين في مثل عمره؟

نسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء، ويوفقكم لما فيه الصلاح والنفع للمجتمع والأسرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك وفي زوجتك، وأن يحفظكما من كل مكروه وسوء، وقد فهمنا جيدًا سؤالك، وسوف نجيبك من خلال ما يلي:

- السّترُ مع الإِنكار الحازم: أُمِرنا بسترِ المسلم ما لم تُخشَ المفسدةُ العامّة؛ قال ﷺ: «مَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللّٰهُ في الدُّنيا والآخِرَةِ» (مُسلم). وفي الوقتِ نفسِه لا يجوز السُّكوت عن منكرٍ يعرِّضُ غيرَه للخطر؛ قال ﷺ: «مَن رَأَى مِنْكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَٰلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» لذا فنرى التوجيه الصحيح: أن تخبر زوجتك أمَّ الشاب -خُصوصًا-، بكلام ليِّن يظهِر الحرص لا الفضيحة، لتتدارك الأمر بالعلاج والرِّقابة، وألا تخبرها أنها أخبرتك، حتى لا تتسع الدائرة أو تخشى اندفاعاً منك يطال ولدها، فتقلق.

- حماية البيت ومنع الخلوة، يمنع الشرعُ خلوة الرجل الأجنبيّ بالمرأة؛ قال ﷺ: «لا يَخلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» (البخاري)، وعليه فلا يدخل هذا الشاب البيت إلا بوجودك، أو أحد محارم زوجتك.

- علاج الغلام لا إيذاؤه:
- سنُّه دون البلوغ التامّ غالبًا، والتأديبُ الشرعيّ له حقّ والدَيه أو وليّه.
- الضرب القاسي أو التشهير يلحق بكم الإثم، ويعقّد المشكلة.
- إن احتاج ردعًا فليكن بالتوبيخِ والتخويف من الله، ثم إحالة والديه إلى مستشار شرعي أو طبيب نفسي، إن ثبت تعاطيه شيئاً.
- تجديد الوازع الإيمانيّ لديه.
- ذكروه -عبر والديه- بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾، وشجعوه على الصحبة الصالحة، وملء أوقاته بالقرآن، والرياضة، ومجالس العلم.
- الدُّعاء والاستعانة بالله ﴿وَمَن يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾.
- أكثروا من الدعاء لكم وله، فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرَّحمن.

وأخيرا: هذا الشاب ربما كان ضحية صحبة فاسدة، فأعينوه وأهله على الاستقامة، نسأل الله لكم العفو والعافية والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً