الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابنتي تقبلني بطريقة مزعجة.. كيف أغير ذلك بأسلوب حسن؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابنتي تبلغ من العمر 12 سنة، وهي تقوم بتقبيلي بطريقة مزعجة بالنسبة لي، كيف يمكنني أن أشرح لها أن هذا التصرف غير مناسب وخاطئ بأسلوب لطيف ومفهوم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Eamay حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بكِ -أختي الكريمة- وأتفهم تمامًا هذا الموقف الحساس الذي تمرّين به مع ابنتكِ.

إن مرحلة المراهقة التي تمر بها ابنتكِ (12 عامًا) هي مرحلة دقيقة تتغير فيها الكثير من المفاهيم، وتتطور فيها مشاعر الأبناء وطريقة تعبيرهم عن أنفسهم وعن مشاعرهم تجاه من حولهم، شعوركِ بالانزعاج طبيعي، والأهم هو كيفية التعامل مع هذا الأمر بحكمة وحب لضمان سلامة العلاقة بينكما وتوجيه ابنتكِ نحو السلوكيات الصحيحة.

• أتفهم أن هذا الموقف قد يضعكِ في حيرة، فمن جهة هي ابنتكِ وتعبيرها عن الحب، ومن جهة أخرى قد يكون الأسلوب غير مناسب، أو يسبب لكِ الإزعاج، هذا الشعور المزدوج طبيعي جدًا، ومهمتكِ الآن هي التعامل مع الأمر بحكمة وصبر.

• لقد علمنا ديننا الحنيف أهمية الحياء، وحسن الخلق، وآداب التعامل والتعبير عن المشاعر، الأبوة والأمومة في الإسلام أمانة، ومسؤوليتنا أن نربي أبناءنا على الفضيلة والحشمة، وأن نعلمهم الحدود الشرعية والأخلاقية في كل تصرفاتهم، بما في ذلك التعبير عن المودة، فقد قال رسول الله ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، وهذا يشمل تعليم الأبناء كل ما يتعلق بآداب التعامل مع الجسد والمشاعر.

• لا تتحدثي معها في لحظة الانزعاج أو الغضب، اختاري وقتًا تكونان فيه هادئتين، ربما أثناء نزهة، أو قبل النوم، أو في جلسة خاصة بينكما، يجب أن يكون المكان مريحًا وآمنًا لتشعر بالاطمئنان.

• قولي لها كم تحبينها، وكم تقدرين حبها لكِ واهتمامها بكِ، على سبيل المثال: "يا حبيبتي، أنا أحبكِ جدًا وسعيدة لأنكِ تحبينني وتعبرين عن حبكِ لي، هذا يعني لي الكثير".

• اشرحي بهدوء ووضوح (دون اتهام)، وركزي على شعوركِ وليس على خطئها، فبدلًا من قول: "تصرفكِ خاطئ"، قولي لها: "عندما تقبلينني بهذه الطريقة، أشعر بـكذا ..."، واذكري شعوركِ، مثل: القليل من الانزعاج، عدم الارتياح، ثم اذكري السبب بلطف، مثل: طريقة للكبار، غير مناسبة لعمركِ، غير مريحة لي شخصيًا.

• حافظي على التواصل البصري، وابتسامة لطيفة، ولمسة حانية على يدها أو كتفها لتطمئنيها.

• قدمي بدائل مقبولة للتعبير عن الحب، قولي لها: "هناك طرق أخرى جميلة جدًا للتعبير عن حبنا لبعضنا البعض، مثل العناق الدافئ، أو قبلة على الجبين، أو أن نمسك بأيدي بعضنا، أو أن نقول كلمات جميلة لبعضنا، هذه الطرق تجعلني أشعر بالحب والسعادة أكثر".

• يمكن أن تشرحي لها ببساطة أن لكل شخص مساحته الخاصة وحدوده التي يشعر فيها بالراحة، وأن احترام هذه الحدود جزء من الحب والاحترام المتبادل، "مثلما لكل منا ملابسه الخاصة، ولكل منا غرفته الخاصة، كذلك لنا مساحتنا الخاصة التي نحب أن نحافظ عليها".

• يمكن أن تذكري لها أن ديننا يعلمنا الحياء، وأن هناك آدابًا معينة في التعامل بين الناس، حتى بين الأهل، "ديننا الجميل يعلمنا أن نكون حييّين في تصرفاتنا، وأن نحترم خصوصية الآخرين. القبلات التي تكون بهذا الشكل هي غالبًا بين الأزواج، أو بطرق معينة بين الأمهات والأبناء الصغار جدًا، ومع تقدمنا في العمر، تتغير طريقة تعبيرنا عن الحب لتكون أكثر حشمة ووقارًا".

• يمكنكِ أن تذكري لها كيف كان النبي ﷺ يعلم أصحابه وأهله الآداب العامة، وكيف كان يعلمهم الحياء، مثل الاستئذان قبل الدخول على الغرف حتى على الوالدين؛ وهذا يرسخ لديها فكرة أن هذه الآداب جزء من ديننا.

• تأكدي أنكِ تعبرين عن حبكِ لها بطرق مناسبة لعمرها، مثل العناق، والقبلات على الرأس، أو الجبين، وكلمات المديح والتشجيع، وقضاء الوقت معها.

• شجعيها على فهم أن هذا التوجيه هو لمصلحتها ولنموها، وأنه جزء من تعليمها كي تكون فتاة مهذبة وواعية بحدودها وحدود الآخرين، أكدي لها أن هذا لا يقلل من حبكِ لها أبدًا، بل يزيد من احترامكِ لها كشخصية ناضجة.

• في معظم الحالات، يكون هذا التوجيه اللطيف كافيًا، ولكن إذا لاحظتِ أن ابنتكِ لا تستوعب الأمر، أو أن هناك سلوكيات أخرى مشابهة تظهر، أو أن هناك تغيرات سلوكية مقلقة، فلا تترددي في استشارة مرشد تربوي أو أخصائي نفسي متخصص في مرحلة المراهقة؛ طلب المساعدة هو قوة وحرص على سلامة أبنائنا النفسية، فقد تكون هناك ردود أفعال لسلوكيات شاهدتها ابنتكِ، كما يحصل أحيانًا من مشاهدتهم للتقبيل على وسائل التواصل أو في المسلسلات ونحوها.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبارك لكِ في ابنتكِ، وأن يجعلها قرة عين لكِ، وأن يهديها لأحسن الأخلاق والأعمال، تذكري أن الصبر والحكمة في التربية هما مفتاح النجاح، وأن الله تعالى يعين كل أم تسعى لتربية أبنائها على الخير.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً