الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تجاهل الأفكار والمشاعر الوسواسية أقصر طرق العلاج..

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الرجاء المساعدة، الموضوع بدأ وأنا في السنة الرابعة من كلية التمريض، وكان ذلك قبل امتحان صعب، وشعرت كأن هناك شيئًا عالقًا في حلقي، وبدأت أبلع ريقي كثيرًا، لكن فور انتهاء الامتحان، عاد كل شيء طبيعيًا.

قبل رمضان الماضي بيومين، كنت أشرب، وشعرت مجددًا وكأن شيئًا عالقًا في حلقي، فتذكّرت ما حدث سابقًا، فشعرت بالخوف، وبدأت أبلع ريقي مرارًا وارتبكت، واستمرّ هذا الحال، وصرت أقول لنفسي: ما الذي يحدث لي؟ وتحدثت مع أقاربي وأصدقائي، وكلهم قالوا: إن الموضوع بسيط ولا يستدعي القلق، لكن بالنسبة لي كان الأمر كبيرًا، والفكرة لا تفارق ذهني، وإن حاولت مقاومتها، يتجمّع ريقي في فمي، ثم أبلعه رغمًا عني.

بعد ذلك خطبت فتاة أحبها حتى أنشغل نفسيًا، وبالفعل قلّ التفكير في الأمر، لكنه لم يختفِ تمامًا، وكلما يحدث شيء يسعدني، تأتيني فكرة مخيفة تحاول إفساد لحظتي، وأحاول تجاهلها بسرعة، لكن بيني وبين نفسي، أشعر أنني أحمل همًّا ثقيلًا، ولا أشعر بالسعادة كما يجب، وأتأمل الناس وأقول: ليتني كنت مثلهم، مبسوطًا وخفيف القلب.

ثم بدأت أبحث على اليوتيوب، ووجدت مقاطع تتحدث عن الوسواس القهري، وأنا كنت قد درست هذا في الكلية، وفجأة شعرت أن لدي نوعًا غريبًا من الوسواس، مثلًا:

إذا رأيت شيئًا واقعًا على الأرض، حتى في طريقي إلى العمل، تأتيني فكرة: ارجع وخذه! ولا أنفّذها، لكنها تظلّ تتكرر.

وإذا كتبت ووقع على يدي قليل من الحبر، أظلّ أغسل يدي حتى يزول، مع أنني لا أخاف من التلوث، ولا أهتم كثيرًا بالنظافة أو الترتيب، لكن هذه الأفكار تبدو عنيدة، وكأن هدفها فقط إزعاجي.

وعندما أرتدي الدبلة في يدي، تأتيني فكرة: اخلعها! وأشعر بالضيق، رغم أنني لا أخلعها.

مع كل هذه الأفكار، ينتابني خوف شديد، وإحساس بعدم السيطرة على نفسي، مع قلق دائم، تحدثت مع طبيب نفسي في عيادته، وقال لي: إنه اضطراب قلق عام، وكتب لي أدوية، لكنني لم أتناولها خوفًا منها؛ ولأنني لم أكن مقتنعًا تمامًا بالتشخيص.

مع العلم أنني أشعر أن أنواع الوسواس المعروفة لا تنطبق عليّ تمامًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

أخي الكريم: شعورك بوجود شيء عالق في منطقة الزور (البلعوم) ليس مرضًا عضويًّا، وإنما هو نوع من القلق التوتري تحول إلى انقباضات عضلية في منطقة الزور، وأعطتك هذا الشعور، وفي بعض الأحيان تسمى هذه الظاهرة القلق التحولي، أي أن القلق تحول إلى عرض نفسي جسدي، وظهر على هذه الكيفية.

والأمر بعد ذلك أخذ بالفعل طابعًا وسواسيًّا، أمَّا الأفكار التي تحدثت عنها: فهي بالفعل أفكار وسواسية، فإذًا يمكننا القول إنك تعاني من القلق الوسواسي، -وإن شاء الله- هو من الدرجة البسيطة، والمخاوف التي تهيمن عليك هي جزء من هذا القلق الوسواسي.

أنت لم تذكر الأدوية التي وصفها لك الطبيب، ولكن من ناحيتي أقول لك: أفضل دواء يعالج هذه الحالة هو (سيرترالين، Sertraline)، هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري الشائع (لوسترال، Lustral)، ويوجد في مصر منتج محلي ممتاز اسمه (مودابكس، Modapex)، وطريقة تناول هذا الدواء كالتالي:

- تبدأ بجرعة نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 50 ملغ، أي بجرعة 25 ملغ يوميًّا، لمدة عشرة أيام.
- بعد ذلك تجعلها حبة كاملة يوميًّا 50 ملغ، لمدة أسبوعين.
- ثم حبتين يوميًّا أي 100 ملغ، لمدة شهرين.
- ثم تجعلها حبة واحدة يوميًّا 50 ملغ، لمدة شهرين آخرين.
- ثم نصف حبة، 25 ملغ يوميًّا، لمدة أسبوعين.
- وأخيرًا 25 ملغ يومًا بعد يوم، لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

السيرترالين يحتاج إلى أن تدعمه بدواء آخر يسمى (سولبيريد، Sulpiride)، هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري الشائع (دوغماتيل، Dogmatil)، تتناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًّا، بجرعة 50 ملغ لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله، لكن عليك أن تستمر على السيرترالين بالكيفية والطريقة، والجرعة، والمدة التي أوضحتها لك.

هذه أدوية بسيطة وطيبة وفعالة، وتعالج القلق الوسواسي وكذلك المخاوف -بإذن الله-، أسأل الله أن ينفعك بها.

وطبعًا إلى جانب الدواء يجب عليك أن تتجاهل هذه الأفكار وهذه المشاعر، ويجب ألا تخوض في تحليلها أو الانسجام معها؛ لأن ذلك يؤدي إلى المزيد من الخوف والوساوس، أمَّا التحقير لها وتجنبها وصرف الانتباه عنها، من خلال إشغال نفسك بأشياء مفيدة، فهذا يساعدك كثيرًا -بإذن الله تعالى-.

إذًا: الحالة بسيطة، وما أوضحته لك هي الآليات العلاجية المطلوبة، والتي أسأل الله أن ينفعك بها.

ويا أخي الكريم: ما دمتَ قد تواصلتَ سابقًا مع طبيب نفسي في عيادته، فأرى أن تعود إليه مرة أخرى، وتعرض عليه ما ذكرته لك هنا، فبإذن الله سيوافق على هذه الخطة العلاجية، ويُثبّتَ هذا التشخيص، وأنا على ثقة أنه سيكمل معك المشوار العلاجي بالشكل الأمثل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً