الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

افتقدت شعور الحماس حول دراستي ونفسي وأسرتي، فكيف أسترده؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله وبياكم، ورفع قدركم في الدارين، آمين.

أعاني من مجموعة مشكلات متشابكة تؤثر كثيرًا على نفسيتي، وتترك أثرًا داخليًا لا يفارقني.

أنا طالبة جامعية توقفت عن الدراسة بسبب ظروف قاسية، منها الحرب وغيرها، وقد سجلت الآن في الفصل الدراسي، لكن للأسف لا أشعر بالحماس أو الاهتمام تجاهه.

أما فيما يتعلق بصلاتي، فأشعر بثقل عند أدائها، وأفتقد اللذة فيها إلا حين أجهر بها، خاصة في الصلوات الجهرية، كثيرًا ما أؤخرها عن وقتها، ولا أعبد الله كما ينبغي، رغم أنني أطمح إلى حفظ القرآن وتدبّره بإخلاص.

أشعر أنني مهملة تجاه نفسي، بيتي، دراستي، ومن حولي. زوجي – هداه الله – أراه بصورة جميلة، أسأل الله أن يجعله من المتقين، ولكنه يدخن ويتفاوت في اهتمامه بالصلاة، ولا يدخر جانبًا من المال للضرورات، ويواجه عدة مشكلات قد أعلم بعضها ولا أعلم الأخرى، أسأل الله أن يطهّر قلبه وينير طريقه، ونحن جميعًا.

نفسيتي مرهقة، لكن قلبي يتوق للرجوع إلى الله والتشبث بحبله قدر المستطاع، أريد أن أهتم بنفسي: بجسدي، وعقلي، وقلبي، واجتماعيتي، وبزوجي، وبيتي، وأهلي، ومن حولي، ثم بمجتمعي.

أما عن بشرتي، فهي تعاني من اسمرار، ونمش خفيف، وظهور حبوب جديدة، وشعري باهت وغير مبهج، كما أنني أجد صعوبة – ككثير من الفتيات – في إزالة الشعر من المناطق الحساسة، أرغب في فعل الكثير من التغييرات في نفسي ومع نفسي، وأسعى لأن أكون من خير عباد الله على الأرض، في علاقتي مع ربي، نفسي، زوجي، أهلي، وأبنائي ومن حولي.

أدرس الإرشاد النفسي، ولكنني أحتاج من يوجهني ويساعدني بحق في سلك الطريق الصحيح.

جزاكم الله عني خير الجزاء، وأحسن إلينا وإليكم، وأمدّنا جميعًا بالصحة والعافية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في موقع إسلام ويب، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
النفس البشرية إذا استطاع صاحبها إدارتها جاءت بما يبهر العقول ويحيرها، وإذا جمحت تلك النفس أوشكت أن توبق صاحبها، وتسيء إلى سمعته، ولعلك ترين من حولك تلك الاكتشافات والاختراعات التي قام بها بعض البشر، وما تلك الأمور المبهرة إلا نتاج حسن استخدام العقل البشري، وكل يوم تظهر لنا أشياء مبهرة، وأغلب تلك الاختراعات والاكتشافات من غير المسلمين، فكيف لو اجتمع مع ذلك الإيمان بالله تعالى.

لا تستصغري نفسك، واجعلي الفترة الماضية التي مررت بها محطة استراحة، وعليك أن تتخذي القرار عاجلاً في إعادة الانطلاق، وضعي أهدافك نصب عينيك، واستعيني بالله ولا تعجزي، والأمر كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).

طالما وقد أعدت القيد في الجامعة، فهذه بداية طيبة -بإذن الله-، وتدل على أن الإرادة موجودة في نفسك، وحركة دوران عجلة الانطلاق تبدأ ببطء، ثم لا تلبث أن تصل إلى أوج قوتها -بإذن الله تعالى-.

عليك أن ترتبي أوقاتك وتضعي لنفسك جدولا لتنفيذ المهام، وقدمي الهام قبل المهم، واجتهدي أن تنفذي ذلك بدقة، وقيمي نفسك يوميًا بحيث تجتازين السلبيات التي حصلت لك في اليوم الأول، وبهذه الطريقة ستصلين إلى مبتغاك -بإذن الله تعالى-.

النفس تميل للراحة والدعة، والخروج من ذلك يحتاج إلى مجاهدة وصبر وتدرج، فإكراه النفس جملة واحدة على الجد يجعلها ترفض الجد جملة، ولكن إذا ألزمها صاحبها بالجد والاجتهاد شيئا فشيئا فسوف تطاوعه، وسيجد الإنسان راحة في ذلك.

إعطاء النفس بعض ما تشتهيه من المباحات بين الحين والحين؛ يجعلها تلين وتطمئن، وكان بعض العلماء يقول: (النفس البشرية تجمح كما تجمح الدابة، وإني لأعطي نفسي بعض ما تتمناه من المباحات، حتى لا تجمح عليّ).

الشعور بثقل الطاعات ناتج عن الخمول والكسل الذي حصل لك، والشيطان الرجيم يستغل مثل هذه الحالة عند الإنسان، فإذا قمت بما أرشدناك به سابقًا، فسوف يذهب ذلك الثقل -بإذن الله-، ويخنس عنك الشيطان الرجيم، وعليك أن تكثري من الدعاء، وطلب العون من الله مع كثرة الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في حال شعورك بذلك الثقل.

نوصيك بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لابنته فاطمة -رضي الله عنها- حينما كثر عليها العمل، فجاءت تطلب منه خادماً كي يعينها على القيام بتلك الأعمال، ففي الحديث: (أنَّ فَاطِمَةَ، اشْتَكَتْ ما تَلْقَى مِنَ الرَّحَى في يَدِهَا، وَأَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ، فَلَمْ تَجِدْهُ وَلَقِيَتْ عَائِشَةَ، فأخْبَرَتْهَا فَلَمَّا جَاءَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بمَجِيءِ فَاطِمَةَ إلَيْهَا، فَجَاءَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلَيْنَا، وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: علَى مَكَانِكُما فَقَعَدَ بيْنَنَا حتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمِهِ علَى صَدْرِي، ثُمَّ قالَ: أَلَا أُعَلِّمُكُما خَيْرًا ممَّا سَأَلْتُمَا، إذَا أَخَذْتُما مَضَاجِعَكُمَا، أَنْ تُكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَتُسَبِّحَاهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدَاهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُما مِن خَادِمٍ) وفي حَديثِ مُعَاذٍ: (أَخَذْتُما مَضْجَعَكُما مِنَ اللَّيْلِ. وَزَادَ في الحَديثِ قالَ عَلِيٌّ: ما تَرَكْتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قيلَ له: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قالَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ. وفي حَديثِ عَطَاءٍ، عن مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قالَ: قُلتُ له: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ).

الصلوات منها ما تكون القراءة سرية، ومنها ما تكون جهرية، فلا تجهري إلا فيما ورد فيه الجهر، وهي صلاة المغرب والعشاء والفجر، ونوصيك بكثرة الاستماع للقرآن الكريم، وخاصة للمقرئ المنشاوي -رحمه الله-، فإن لتلاوته أثرًا كبيرًا على القلب.

نوصيك بأن تخصصي جزءًا من الليل للصلاة حيث يكون القلب خاليًا عن المشاغل، والأجواء ساكنة هادئة، فذلك مما سيعينك على التلذذ بالقرآن والصلاة.

تأخير الصلاة عن وقتها ناتج عن الخمول الذي يتسبب في تأخير الأعمال عن أوقاتها، ونذكرك بأن أحب الأعمال إلى الله تعالى الصلاة في أول وقتها، كما ورد ذلك في حديث عبد الله بن مسعود -رضوان الله عليه- حيث قال: قلت يا رسول الله:أي الأعمال أحب إلى الله قال: (الصلاة لوقتها).

اقرئي ما ورد في فضل تلاوة القرآن الكريم، فذلك سيجعلك تندفعين نحو تلاوته، والمحافظة على ورد يومي -بإذن الله تعالى-.

حفظ القرآن الكريم ميسر كما قال تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)، والذي ننصحك به هو الالتحاق بحلقة تحفيظ؛ لأن ذلك سيعينك على الحفظ، وستجدين من الصالحات من يزاملك في التسميع.

تنظيم الحياة مهم، والإغراق في بعض الجزئيات والاسترواح لها يلهي ويشغل عن بقية الأعمال، والمسلم منظم لوقته كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولزوجك عليك حقًا ولزورك ـ ضيفك ـ عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه)، فعليك أن تمتثلي لهذا الحديث، ورتبي أوقاتك وفق ذلك، فجسدك له حق عليك (ولنفسك عليك حقًا) وزوجك له حق عليك (ولزوجك عليك حقًا) فالإسلام لا يريد من المسلم أن يكون مترهبنًا خالصًا ولا دنيويًا محضًا بل التوازن مطلوب.

إصلاح من حولك من زوج وولد يحتاج إلى الأسلوب الحسن، واختيار الوقت المناسب للنصح والرفق واللين، والمسلمون كلهم دعاة قال تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)، واختيار الأسلوب الأحسن هو الذي يجعل الثمار حسنة، قال تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن)، وقال: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن)، وقال عليه الصلاة والسلام: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه)، فاختاري، وتحيني الأوقات المناسبة لنصح زوجك، ولا تكثري عليه لعل الله أن يصلحه على يديك.

استمري في تخصصك الدراسي إن كنت تحبين ذلك التخصص، فلعل الله أن ينفع بك، وإلا فبادري للتحويل إلى تخصص آخر قبل فوات الأوان، فالبقاء في تخصص تنفر منه النفس لسبب أو لآخر يكسب النفس الملل والنفور.

كونك تريدين أن تكوني من عباد الله الصالحين هذه أمنية وإرادة في النفس، ويحتاج الأمر إلى ترجمة ذلك عمليًا، وذلك من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة، فابدئي بما افترض الله عليك، ثم انتقلي إلى النوافل المختلفة، والأمر كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: (ومَا تَقَرَّبَ إِليَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإذَا أَحْببْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، ويَدَهُ الَّتي يبْطِشُ بِهَا، وَرجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بِها وإنْ سَأَلَني أَعْطَيْتُهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ).

نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد إنه سميع مجيب.
___________________
انتهت إجابة د. عقيل المقطري -المستشار التربوي والأسري-،
وتليها إجابة د. سالم الهرموزي -استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية-.
___________________

الأخت الكريمة: فيما يتعلق بمشكلات اسمرار البشرة، وصحة الشعر، وإزالة الشعر من المناطق الحساسة، فإليك التوصيات التالية:

1) علاج اسمرار البشرة: يمكنك استخدام كريم تفتيح مثل: Bionic Skin Lightening Cream ، يُدهن مرتين يوميًا لمدة لا تقل عن شهرين متواصلين.

كما يُنصح باستخدام واقٍ شمسي مثل: Photoderm Cream SPF 100 يوضع على المناطق المكشوفة من الجسم، كالوجه والكفين، قبل التعرض للشمس بنصف ساعة يوميًا وبانتظام.

كذلك يوجد نوع خاص من الليزر يُعرف بـ Q-switching Laser يُستخدم لإزالة التصبغات والاسمرار، وهو متوفر في بعض العيادات التجميلية الخاصة، لكنه مكلف ماديًا، ومع مرور الوقت تعود البشرة لطبيعتها عند التعرض لأشعة الشمس.

2) لصحة الشعر: يمكن استعمال علاج يُعرف بـ Hair Loss Treatment (Rexsol) مرتين يوميًا.

طريقة الاستخدام مشروحة على العبوة، وهو فعّال في تقوية ونمو الشعر، وتحسين مظهره، بالإضافة إلى إزالة قشرة فروة الرأس.

3) إزالة شعر المناطق الحساسة:
تتوفر العديد من الطرق لإزالة الشعر من هذه المناطق، منها المؤقتة كالاستحداد (الحلاقة)، أو استخدام الكريمات المزيلة، ومنها ما يُزيل الشعر بطريقة شبه دائمة مثل الليزر.

ومع ذلك، لا تزال الحلاقة بالموس الطريقة الأكثر شيوعًا وسهولة، كما أنها سنة نبوية، وهي الأقل تكلفة عند اتباع الطرق الصحية السليمة.

إليك بعض الإرشادات لحلاقة المناطق الحساسة بطريقة صحيحة:
- غسل المنطقة جيدًا بالماء والصابون قبل الحلاقة، ثم غسلها مجددًا بعد الانتهاء.
- تخصيص شفرة جديدة لكل استخدام وعدم إعادة استعمالها.
- تجنّب الضغط الزائد على البشرة أثناء الحلاقة.
- بعد الحلاقة، يُستحسن وضع طبقة خفيفة من مرهم مضاد حيوي مثل: Bactroban أو Fucidin، ثلاث مرات يوميًا لمدة ثلاثة أيام، لمنع تلوث بُصيلات الشعر وظهور البثور والحكة.
- يُفضّل الحفاظ على هذه المناطق جافة ومهواة دائمًا.

حفظكِ الله من كل سوء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً