الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنسى الشاب الذي علقني به، ثم مضى وتركني؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة في متوسط العمر، أحببت شخصًا لمدة عام، وكنا على علاقة؛ حيث كنا نلتقي كثيرًا، وأحيانًا نقع في معاصي ليست كبيرة، لكنها تظل معاصي وذنوبًا. كنت أدعو الله كل يوم أن يكون من نصيبي في كل موقف، وأصوم بنية الصدقة ليكون من نصيبي.

كنت أعتقد أن لديه نفس الشعور، فهو أيضًا يصوم ويصلي، ويقول لي: "أنا أدعو لكلينا"، أنا أحبه جدًا جدًا، وكان دائمًا يقول لي: "سوف آتي لخطبتك في فترة معينة".

وعندما وصلت تلك الفترة، طلب صورتي ليريها لأهله، فأرسلت له صورة عادية، ومن تلك اللحظة اختفى، ولم يظهر رغم رسائلي واتصالاتي التي لا يرد عليها، أرسل لي رسالة واحدة قال فيها: "لقد حصل لي مشكلة مع أهلي، وأنا لست بخير"، ومنذ تلك الرسالة لم يعد يرد مطلقًا على اتصالاتي.

سألت صديقاتي، فقلن لي إنه يكذب، ولم يَرَ الصورة أصلًا، بل قام بخطة فقط ليتركني! أنا في حالة صدمة كبيرة، فلم أكن أتوقع منه هذا الفعل، وعندما أدعُو، لا أعرف بماذا أدعو: هل أنساه؟ أم أستمر في الدعاء ليكون من نصيبي؟ أشعر أنني محطمة ومدمرة، لا أملك سوى البكاء والدعاء، ولا أعرف ماذا أفعل؟!

أشعر بحرقة كبيرة في صدري وقلبي، وأحس أن حياتي توقفت، لا أعرف لماذا تخلى عني، أو لماذا فعل ذلك بهذه الطريقة السيئة، دون حتى أن يواجهني أو يقول لي: "انتهينا"؟!

أنا أتألم كثيرًا بسببه، ولا أستطيع التوقف عن البكاء والتفكير.

ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أتفهم مشاعرك وحزنك العميق على هذه التجربة التي مررت بها، والتي جعلتك تصلين إلى هذا الحزن العميق الذي ربما يعيقكِ عن الحياة بشكل طبيعي.

أولاً: احمدي الله تعالى أن أنقذك من علاقةٍ لا تُرضيه، فكم من فتاة بقيَت في علاقةٍ كهذه حتى ضاع عمرها وقلبها ودينها، بينما أنتِ كتب الله تعالى لكِ الخروج منها، فبادري الآن بالتوبة، وارفعي يديك لله سبحانه بصدقٍ، واطلبي منه أن يغفر لكِ، ويطهّر قلبك مما مضى.

ثانيًا: اعلمي أنَّ الحب الحقيقي هو الحب الذي يأتي في إطاره الشرعي، الذي أحله الله تعالى وهو الزواج، أما العلاقات التي تحركها المشاعر، وتكون سببا لاقتراف المعاصي؛ فهي علاقاتٌ مبتورة مقطوعة لا تثمر إلا عن أذًى قلبي ومعنوي، كالذي تشعرين به الآن، حتى وإن اكتمَلت هذه العلاقةُ فلن يهنأَ أطرافها بالمودة والرحمة.

ثالثًا: اعلمي أنِّ هذا الشاب لم يكن جادًا معك منذ البداية، ولم يكن يريدك زوجةً، إنما أراد أن يقضيَ وقتًا لا يحاسَب عليه مع أيِّ فتاة، وكان قدرُك أنَّك كنت أنت هذه الفتاة، وعندما ملَّ العلاقة؛ قطعها، بل ربما هو الآن مع غيرك، فلم البكاء؟ ولم الحزن؟ لا تجعلي مَن لا يستحقُّ، يتحكم بمشاعرك.

رابعًا: لا تشغلي بالك بالتفكير في الأوقات التي جمعتك بهذا الشاب، أشغلي وقتك بما يُصلحك ويُقوّيك، واملأي فراغكِ بما ينفعك في الدنيا والآخرة، حافظي على الصلاة على وقتها، واجعلي لك وردًا من القرآن الكريم، احرصي على برِّ والديك، تعلمي يوميًا شيئًا ينفعك في دنياك، ويكون له أثرٌ في تغيير واقعك للأفضل.

خامسًا: اقطعي كل ما يذكّرك بذلك الشاب، لا تتابعيه، لا تحتفظي بصوره، أو رسائله، أو أرقامه، لا تسمحي للذهن أن يُعيد الذكريات، اعلمي أن الشاب الذي ترككِ لم يكتبه الله تعالى زوجًا لكِ؛ لذا صرفه الله عنكِ، ولعلَّ في صَرْفِهِ هذا خيرٌ عظيم لكِ فثقي بالله المولى، وتذكَّري أن الزوج الصالح سيأتيكِ في وقتٍ مُقدَّرٍ مكتوبٍ، وأنَّ الحبَّ سيكون أجمل حين يكون من نصيب رجل يطلبك بالحلالِ، يُكرم دينك، ويقدِّر جمالكِ.

وأخيرًا: تيقَّني أنَّ جُرحكِ هذا اختبارٌ، واعملي أن الله تعالى لا يكسر قلبًا لجأ إليه، ولا يُبقي في حياتك من ليس خيرًا لك، وكل دمعةٍ تبكينها، فالله تعالى يراها، وسيعوضك عنها فرحًا لم يخطر لكِ على بال، فابتسمي، واستقبلي حياةً جديدة تبدأ من اليوم.

حفظكِ الله تعالى، وملأَ قلبك بالسكينة، وأبدل حزنك سعادة لا تزول.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً