الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي أنني أصبحتُ لا أستطيع التفريق بين الوساوس والحقيقة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، عمري 21 سنة، أصبت منذ مدة بوسواس شديد في الطهارة، ووسواس الذنوب، وحين ظننت أنني تعافيت، وجدت نفسي أسترسل مع الوساوس، حتى اشتدت علي مرة أخرى، بالإضافة إلى وسواس في الصلاة.

الآن بدأت في التعافي مرة أخرى -الحمد لله-، لكن مشكلتي هي أنني أصبحتُ لا أستطيع التفريق بين الوساوس والحقيقة، لدرجة أنه عندما أعرض عن الوساوس، أشعر أنني أتحايل وأنافق فقط.

ومشكلتي الحالية هي أنني وسط هذه الوساوس، أصابني مرض خفيف في الجهاز الهضمي منذ يومين، وأخشى أنه قد يسبب خروج شيء من الدبر، لكن لم أتيقن منه دائمًا، وأصبحتُ لا أفرق بينه وبين العرق، وصليتُ صلاتين وأنا أشك في وقوع ذلك، واعتبرته من الوسواس، واعتبرته عرقًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يعافيك ويشرح صدرك، ويذهب عنك همّ الوسواس وضيقه، ويملأ قلبك طمأنينة ويقينًا.

فإن ما تصفه هو من طبيعة الوسواس القهري، الذي يخلط على صاحبه بين الحقيقة والخيال، حتى يصبح الشك مسيطرًا على العبادة والطهارة، والأمر هين فلا تقلق، لكن تابع معنا جيدًا هذه النقاط:

أولًا: فهم حالتك:
• الوسواس، خاصة في الطهارة والصلاة، يدفع الإنسان إلى الشك المستمر حتى في الأمور التي لو رآها بعين اليقين لاطمأن قلبه.
• الشعور بأنك تتحايل أو تنافق حين تعرض عن الوسواس، هذا في الحقيقة جزء من خداع الشيطان، ليعيدك إلى دائرة الشك والتعب.
• القاعدة الشرعية: اليقين لا يزول بالشك، والشك لا يؤثر إلا إذا كان يقينًا جازمًا كالشمس في وسط النهار.

ثانيًا: بخصوص ما حدث لك:
• ما دام الأمر مجرد توقع أو إحساس بدون يقين جازم، فهو وسواس، خاصة وأنك تقول: "لم أتيقن منه دائمًا"، وأحيانًا تشك هل هو عرق أو غيره.
• في هذه الحالة، حكمك على الأمر بأنه عرق صحيح، وصلاتك التي صليتها صحيحة، ولا يلزمك الإعادة.
• أخبر النبي ﷺ عن قاعدة مريحة حين قال: «لا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» (رواه البخاري ومسلم)، أي حتى يحصل اليقين التام، وليس مجرد شعور أو شك.

ثالثًا: كيف تتعامل مع هذا مستقبلًا:
1. تجاهل الشك تمامًا إذا لم يكن يقينًا جازمًا.
2. لا تتحقق ولا تفحص؛ لأن البحث هو غذاء الوسواس.
3. الانشغال بالعبادة نفسها، لا بالتفتيش عن الأعذار أو النقض.
4. ابتعد عن الفراغ؛ أشغل وقتك بما ينفعك دِينًا ودنيا.
5. اجعل لك صحبة صالحة تعينك على الثبات، وتذكرك إذا نسيت، وتشجعك إذا ضعفت.
6. تعلّم العلم الشرعي؛ فالمعرفة الصحيحة بأحكام الطهارة والصلاة تردّ الوسواس من أساسه.

نسأل الله أن يطهّر قلبك من الشك، ويملأه باليقين، ويصرف عنك كيد الشيطان ووساوسه، ويجعلك من المطمئنين بذكره، وأن يثبّتك على الحق، ويرزقك لذة العبادة، ويجعلك من المقبولين عنده في الدنيا والآخرة، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً