الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أجتهد كثيرًا في المذاكرة لكن معدلي لا يرتفع، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب في الصف الأول الثانوي، منذ طفولتي كنت أقضي النهار كله في حل الواجبات، ليس لقلة الذكاء، بل لأنه لم يكن هناك توجيه، وكنت أتعمد الجلوس أمام تلك الواجبات عنادًا دون مذاكرة، حتى إنني أتذكر الآن شكل تلك الكراسة.

مرت السنوات، وكان المدرسون مندهشين من ذكائي رغم أنني لم أكن أذاكر، وكان أهلي يقولون: دعوه، إنه طفل، وكنت حينها أمتلك فطنة غير عادية.

مرت المرحلة الابتدائية، وكنت أتصفح الكتاب وأحفظ دون تركيز، ومرت الأيام ووصلت إلى المرحلة الإعدادية، وكنت في الصف الثالث الإعدادي لا أذاكر أبدًا، والمدهش أن المدرسين كانوا مندهشين من انخفاض مستواي، وأنا لم أكن أذاكر أصلًا، وكنت أدخل الامتحان وأحل نصفه دون مذاكرة تسبق الامتحان بشهر.

بعد ذلك قررت أن أدرس بجدية، وكانت هذه أول مرة أذاكر فيها بانتظام، وكانت النتيجة 82%، واجتهدت في المذاكرة ووضعت جداول، ولكنني لم أشعر بتعب، وإذا بي أحصل على نفس النتيجة دون غش.

وها أنا الآن أجد نفسي في مستويات عليا، وأذاكر من 4 إلى 8 ساعات دون أن أنجز أي مهمة إنجازًا حقيقيًا، ساعدوني يرحمكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ I.p حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك طلب الاستشارة من موقع إسلام ويب، ونشكر لك ثقتك في عرض مشكلتك بصدق ووضوح، فهذا في حد ذاته بداية قوية للتغيير، إذ إن معرفة الإنسان بمشكلته تُعَد نصف الحل.

من خلال رسالتك يظهر أنك تملك ذكاءً وفطنة عالية، لكن المشكلة ليست في قدراتك العقلية، وإنما في طريقة استثمارها وتنظيم وقتك، إضافة إلى تراكم بعض العادات القديمة منذ الطفولة مثل المماطلة، والشعور بأن الجهد الكبير لا يعطي نتيجة مرضية.

ولا بد أولاً من فهم جذور المشكلة، فغياب التوجيه في الصغر جعلك تعتمد على نفسك بلا خطة واضحة، فارتبطت المذاكرة عندك بالمماطلة والعناد أكثر من الجدية.

كما أن الذكاء وحده لا يكفي للنجاح إذا لم يُدعَم بالتركيز والانضباط؛ لذلك كنت تستطيع حل الامتحانات بنسبة جيدة رغم قلة المذاكرة، لكنك لم تصل إلى أقصى قدراتك.

والإحباط الذي أصابك بعد بذل الجهد (كحصولك على 82% رغم المذاكرة)؛ ربما سبّب لك شعورًا بأن الجهد لا يساوي النتيجة، وهذا قد يدفعك أحيانًا لفقد الحماس.

وإليك بعض الخطوات العملية لحل المشكلة:
1. اجتهد أن تغيّر طريقة المذاكرة لا عدد الساعات؛ فالمهم أن تذاكر بتركيز حقيقي، لا أن تقضي 8 ساعات أو أكثر بلا فاعلية، جرّب تقنية "المذاكرة المركّزة".
2. اعتمد على التكرار والمراجعة الذكية، ولا تؤجل الحفظ إلى ليلة الامتحان، بل اجعل المراجعة عادة يومية، فذاكرتك تعمل بالتكرار المتباعد.
3. الكتابة والتلخيص: لا تكتف بالقراءة، بل دوّن ملخصات أو ارسم خرائط ذهنية، فهذا يضاعف تثبيت المعلومات.

4. أكثر من حل التدريبات: فالذكاء يظهر في التطبيق لا في الحفظ، وخصص وقتًا للتمارين العملية.
5. اضبط أولوياتك: لا تضع جداول ضخمة، بل حدد 3–4 مهام رئيسة يوميًا، وأكملها بإتقان، فهذا يمنحك شعورًا بالإنجاز ويخفف عنك الضغط.
6. النوم والرياضة: العقل يحتاج إلى راحة، فجودة نومك (7–8 ساعات) وممارسة نشاط بدني خفيف تزيد من تركيزك أضعافًا.
7. لا تقارن نفسك بالآخرين، بل قارن نفسك بما كنت عليه بالأمس.

8. اجعل نيتك في التعلُّم خالصة لله، وقل دائمًا: «اللَّهُمَّ لَا سَهْلَ إِلَّا مَا جَعَلْتَهُ سَهْلًا، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلًا».
9. اجعل المذاكرة وسيلة لتحقيق رسالة لا مجرد درجات، فهذا يمدك بدافع داخلي أكبر، وتذكّر أن الله لا يضيع تعبك، حتى لو لم يظهر أثره سريعًا، قال تعالى: ﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾.
10. دوّن إنجازاتك اليومية في ورقة؛ سترى الفرق مع مرور الوقت.
11. ضع لنفسك خطة للمراقبة الذاتية: أي المواد تحتاج وقتًا أطول؟ وأيها يسهل حفظها؟ هذا سيجعلك أذكى في توزيع وقتك وجهدك.

ثق تمامًا أنك على الطريق الصحيح ما دمت تبحث عن حل، وما تحتاجه فقط هو تنظيم وإصرار، وسترى -بإذن الله- التغيير الإيجابي في نتائجك قريبًا.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً