الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أقبل به مع عدم قبولي لشكله؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة كنت مملكة لشخص من خارج العائلة، وحدثت بيننا مشاكل وتدخل أهله بشكل سلبي، اتضح لي أنه ضعيف الشخصية، إذ كان يلجأ إلى والدي للشكوى، حتى في أبسط المواقف التي كان هو سببها، وخلال فترة الملِكة، كنت أشعر بالنفور منه عند اقترابه مني، ولم أرغب في قربه، طلبت الانفصال، وتم ذلك بناءً على رغبتي، وبعد الانفصال، شعرت بالكراهية تجاهه، وأصبحت أراه قبيح الشكل.

حالياً، تقدم لخطبتي ابن عمتي، والجميع يشهد له بحسن الخلق، والمحافظة على الصلاة، والطيبة، لكنني لا أتقبله شكلياً، ولا أستطيع تخيله زوجاً وشريكاً لحياتي، أغلب من حولي يرون أن شكله عادي وليس قبيحاً، وهو تقريباً بطولي، لكنني أشعر بعدم الرغبة في إتمام الخطبة بسبب شكله، وأخشى أن يؤثر ذلك على حياتي معه، وأن يتكرر ما حدث سابقاً من نفور واشمئزاز.

لا أعلم سبب هذا الشعور، هل هو من وساوس الشيطان، أم أنه رفض داخلي؛ لأنه ليس من نصيبي؟

رغبتي الصادقة هي أن أعف نفسي، وأتجنب الوقوع في الحرام، والعياذ بالله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حيّاكِ الله وشرح صدرك، ونسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، ويعينك على اتخاذ القرار الذي فيه الخير لك في دينك ودنياك.

بدايةً: ما مررتِ به في الخطبة السابقة من مشاعر نفور وتقزّز لم يكن أمرًا عابرًا، بل هو دلالة واضحة على عدم وجود قبول ولا ارتياح نفسي، وهو سبب كافٍ للانفصال، فالله تعالى يقول: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم:21]، والسكن والمودة لا يتحققان مع النفور والاشمئزاز.

أمّا الآن مع ابن عمتك: فأنتِ أمام شاب وصفه أهلك وكل من حولك بحسن الخلق، والمحافظة على الصلاة، وطيب القلب، وهذه صفات عظيمة جدًا، بل هي أساس الحياة الزوجية الناجحة، وهي ما أوصى به النبي ﷺ حين قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه) رواه الترمذي، لكن لا يمكن إغفال جانب القبول النفسي والشكل، فالنبي ﷺ قال: "انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"، [رواه النسائي]، أي أن يحصل بينكما الألفة والمودة، فالقبول مهم، لكن ليس شرطًا أن يكون جمالًا فائقًا، بل يكفي ألا يكون هناك نفور أو تقزّز.

وهنا أنبّهكِ لثلاث نقاط مهمة:
1. فرّقي بين النفور الحقيقي والوسوسة: أحيانًا يعظّم الشيطان في العين عيبًا صغيرًا؛ ليصرفكِ عن صاحب الدين، فيظهر لك عادياً في نظر الناس؛ لكنه غير مقبول عندك، لذا: استعيني بالاستخارة والدعاء أن يريكِ الله تعالى الحقَّ، ويبصِّركِ بالصواب.

2. فكّري بعقلك مع قلبك: الشكل يتعوّد عليه الإنسان مع الأيام، أما الخُلق والدين فهما اللذان يدومان، وكم من زوجةٍ تزوجت شخصًا مقبول الشكل، ثم أحبّته بعد أن رأت كرمه، وطيب أخلاقه.

3. استخيري واستشيري: لا تتعجلي القرار، صلّي صلاة الاستخارة بصدق، واطلبي من أهلكِ وأشخاص تثقين برأيهم أن يقيِّموا الأمر بموضوعية، فإذا استمر النفور القلبي الشديد بعد الاستخارة، فذلك علامة أن الأمر ليس خيرًا لكِ.

أختي الكريمة: رغبتك في العفاف والخوف من الوقوع في الحرام أمرٌ عظيم يأجرك الله تعالى عليه، وهو دليل على نقاء قلبكِ، وتذكّري أن الزواج رزقٌ، وأن الله تعالى لن يضيعك، فاطمئني، ووكّلي أمرك له، واطلبي من ربك أن يقدّر لك الخير حيث كان.

نسأل الله أن يشرح صدرك لما فيه صلاح دينك ودنياك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقرّ به عينك، وتجدين معه السكن والمودة والرحمة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً