الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لي شاب ليس بالقدر الذي أريده من الدين والجمال!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا -الحمد لله- فتاة ملتزمة، وأحاول تطبيق السنة في حياتي قدر المستطاع، وقد تقدم لخطبتي شاب أعرفه من بعيد، وعمره مناسب، وحالته الاجتماعية جيدة، وفي نفس مجال عملي، كان حافظًا للقرآن ويصلي، لكنه الآن يتهاون في الصلاة، مع أنه يحاول الالتزام أكثر، وذلك بحسب كلام شخص مُقرَّب منه عندما سألنا عنه.

هو خلوق جدًّا، وطيب، وحنون، وخدوم جدًّا، يحب أن يخدم أي شخص يطلب منه خدمة، ومحترم، وشخصيته على حد علمي جيدة.

لا توجد مشكلة كبيرة غير أنه يتهاون جدًّا في تعامله وحدوده مع النساء، فهو بطبعه اجتماعي جدًّا، ويتعامل مع النساء مثل الرجال بطريقة فيها مجاملات وكلام كثير غير ضروري، وهذا لا يعجبني، وأيضًا ليس على قدرٍ من الوسامة كما كنت أريد.

حددنا موعدًا للرؤية الشرعية لأتحدث معه وأعرف إذا كان يريد تغيير هذه السلوك، لكن الذي يجعلني مترددة هو دينه، وأنا أريد شخصًا متدينًا أكثر، يشجعني على القرب من الله.

أيضًا لا أعرف إذا كنت متقبلة لشكله الآن أم سأندم إذا وافقت، وتفكيري أن أهم شيء أن يكون متدينًا وخلوقًا ويعاملني جيدًا، ويمكن أن أتقبل شكله أكثر إذا كانت لديه هذه الصفات.

جزاكم الله خيرًا، وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك في موقعك إسلام ويب، وبارك الله في التزامك وحرصك على أن تختاري زوجًا يكون عوناً لك على طاعة الله، وثقي أن النية الصالحة مع الاستشارة والاستخارة لن تفضي إلا إلى خير إن شاء الله.

أختنا: الشاب الذي تقدم إليك يظهر من وصفك أن له سمعة طيبة بين الناس، معروف بالخلق الحسن والاحترام والخدمة للآخرين، وهذا رصيد مهم في أي زواج؛ لأن حسن الخلق هو أساس المودة والرحمة بين الزوجين.

أمَّا ما ذكرت من تهاونه في الصلاة أحيانًا، وتساهله في التعامل مع النساء؛ فهذه أمور يُنظر إليها بإنصاف، فالتهاون في الصلاة خطأ عظيم بلا شك، لكن كونه يحاول أن يلتزم ويجتهد في الإصلاح، فهذا دليل على وجود بذرة خير وقابلية للنمو.

وكثير من الشباب يبدؤون متدرجين في الالتزام، فإذا رزقهم الله بزوجة صالحة ثابتة، كانت سبباً في ثباتهم وزيادة استقامتهم، وكذلك مسألة التعامل مع النساء، فهي عادة يمكن أن تُهذَّب بالنصح والرفق بعد الزواج، خاصة إذا وجدت زوجة حكيمة تعينه على غض البصر وضبط اللسان.

أمَّا الشكل؛ فهو وإن كان مطلوبًا بقدر من القبول النفسي حتى لا يحصل نفور؛ إلَّا أنه ليس الركن الأصيل، واعلمي أنه مع حسن المعاملة والرحمة، يزداد القبول والجاذبية بين الزوجين، فكثير من النساء لم يجدن في أزواجهنَّ ما تمنينه من الوسامة، لكن مع عشرة الخير والاحترام والحنان صار الزوج أحبّ إليهن من كل جميل.

لهذا أقول لك: إن الأصل الذي أوصى به النبي ﷺ هو الدين والخلق، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وهذا الشاب عنده أصل الخلق، وعنده نية لتحسين دينه، وأنتِ بإذن الله قادرة أن تكوني سبباً في ثباته وتقويته على الطاعة.

فالنصيحة لك هي: أن تقبلي به، والتوكل على الله، والإكثار من الاستخارة الصادقة والدعاء، ومع الاستشارة من أهلك ومن أهل الرأي؛ فإن شرح الله صدرك له بعد الاستخارة والرؤية، فامضِ على بركة الله، وإن وجدتِ انقباضًا ونفورًا لا يزول، فاصرفي نفسك وكوني على يقين أن الله سيعوضك خيرًا.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً