الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشعور بالخوف عند مواجهات غير متوقعة: كيف أتخلص منه؟

السؤال

أنا أعاني من الشعور بالخوف، خاصة عندما أكون وحدي ليلاً في البيت، أشعر بقشعريرة تمتد من مؤخرة رأسي إلى أسفل ظهري، مما يزيد من حدة هذا الشعور، يحدث ذلك أحيانًا عند مواجهات غير متوقعة، سواء كانت مشكلة مع أحد أو حتى عند رؤية كلب في مكان خالٍ.

كما تسيطر عليّ أحيانًا أفكار تؤدي إلى تسارع في نبضات القلب، وقلق شديد، وعدم شعور بالراحة، سواء لأسباب واضحة، أو بدون أسباب، حتى في تعاملي مع أولادي، أحب أن أدعو لهم أمامهم، لكنني أجد صعوبة في ذلك؛ فمثلًا، أقول: (الله يرضى عليك) في غيابهم.

وأيضًا، أواجه صعوبة كبيرة في التعامل مع المواقف التي تحمل مشاكل أو توترًا، وأجاهد نفسي كي لا أذهب إلى طبيب مختص بالأمراض النفسية، خوفًا من الاعتياد على بعض الأدوية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا جزيلًا على استشارتك، والتي اطلعت على كل تفاصيلها.

أخي الفاضل: ذكرت أنك تشعر بالخوف، وذكرت مجموعة من العلامات الخاصة بالخوف، منها الإحساس بقشعريرة، ثم زيادة في نبضات القلب، والخوف، والقلق الشديد، وعدم الشعور بالراحة، وهذه الأعراض هي أعراض نوبات الخوف، والتي تحدث لأسباب متعددة، وهي جزء من اضطرابات ما يسمى باضطراب القلق.

ودرجات الخوف تختلف بأنواع الخوف المختلفة؛ الخوف مثلًا من بعض الحيوانات، أو الخوف من الأماكن الشاهقة، أو الخوف مثلًا من الظلام، أو الخوف من المواقف التي تتطلب الوقوف أمام مجموعة من الناس، أو في مواقف اجتماعية، أو الخوف من الأماكن المزدحمة.

وكل هذه أنواع مختلفة من أنواع الخوف، ولكنها تشترك جميعها في أعراضها وعلاماتها، وما تسببه، سواء كان للجسم من أعراض، أو ما تسببه للتفكير من اضطراب، وما تسببه أيضًا للنفس من ناحية الأثر على الحياة اليومية.

تختلف أيضًا أنواع الخوف وآثارها وحدتها حسب المواقف التي تحدث فيها، وكذلك أيضًا تختلف حدتها باختلاف الأشخاص أنفسهم، واستعدادهم للتأقلم مع بعض أنواع الخوف، أو التحكم في بعض الأعراض.

عمومًا، ما ذكرته في رسالتك والخاص بإحساسك الشخصي بنبضات القلب، والقشعريرة، وعدم الشعور بالراحة، ومجاهدتك لنفسك، كل هذا يجعل درجة الخوف عندك هي درجة تحتاج إلى نوع من الدعم النفسي أو العلاج.

خوفك من الذهاب إلى أطباء متخصصين في الأمراض النفسية أيضًا هو نوع من الرهاب، ومرتبط أيضًا بما تعاني منه من إحساسك بالقلق أو الخوف؛ لأنه أيضًا نوع من الخوف من استخدام الأدوية، أو خوف من نتائج الأدوية.

كل هذا يرتبط ببعضه البعض، ولذلك نصيحتي الأولى لك:
أولًا: حاول أن تغير في طريقة تفكيرك فيما يتعلق بموضوع الخوف من الأطباء النفسيين، وزيارتك للأطباء النفسيين، بالتأكيد لك أنها لن تكون مسألة ذات أثر سلبي، وبالعكس، ربما يكون فيها نقطة الانطلاق لك للتخلص من كل أنواع الخوف التي ذكرتها.

ثانيًا: ليس بالضرورة أن كل أنواع الخوف، أو اضطرابات القلق المختلفة، يتم فيها التعامل العلاجي بواسطة الأدوية، هناك كثير من التدخلات النفسية، مثل: التدخل بالعلاج النفسي السلوكي الفكري، وهو علاج (CBT)، يُعتبر هذا التدخل من التدخلات الناجعة جدًّا في حالات القلق واضطرابات القلق، ويمكن لأحد الأخصائيين النفسيين القيام بعمل هذا التدخل العلاجي، والذي يرتبط في الأساس بمخاطبة الفكر لتغيير طريقة التفكير السلبي إلى تفكير إيجابي، خاصةً في مثل هذه المواقف التي ذكرتها، ومن ثم تغيير التفكير السلبي إلى تفكير إيجابي يؤدي إلى تغيير الإحساس بالقلق، وبالتالي التغيير والإحساس بالراحة والاطمئنان، وبالتالي يتحكم في الأعراض التي ذكرتها.

لذلك فمن رأيي -إذا لم تكن تمانع- مراجعة طبيب نفسي فقط في البداية؛ لعمل التقييم الأولي المهم، والذي يتطلب أيضًا الاطمئنان على صحتك الجسمانية وصحتك العضوية، ومن ثم يُنصح لك بأنواع التدخلات المختلفة السيكولوجية التي ذكرتها لك، وكذلك لمناقشة أي نوع آخر من التدخلات التي يمكن أن تساهم في مشكلتك.

أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل في ذلك الشفاء لك، ويتوقف هذا القلق والخوف الذي تعاني منه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً