الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد الزواج صُدمت في ضعف تدين زوجي وعدم إكرامه لي، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة منذ سنتين، وكان زواجي أبسط ما يكون، ففي الخطبة، أتى زوجي وأمه بأشياء قليلة جدًا، وفي يوم العقد أعطاني زوجي مهرًا قليلًا جدًا، ولم يشترِ لي أي ذهب، رغم أنه كان بإمكانه، طبعًا هذا أزعج أهلي، ونبّهوني كثيرًا أن أُنهي علاقتي به وأنتظر مَن يُكرمني، لكني كنت أقول: "المهم أن يكون ذو دين وخُلُق".

بعد الزواج، اكتشفتُ أنه لا يصلي إلا في آخر الوقت، ولا يقرأ القرآن أبدًا، وأمور كثيرة تُضاف لسوء معاملته لي وانتقاصه مني، حتى أنه مؤخرًا قلتُ له -على سبيل الطلب غير المباشر-: "ألا أستحق خاتم ذهب؟"، فقال لي ما مفاده: "إنني بدأت أطمع وأطغى!"، ندمتُ كثيرًا على هذا الزواج، وأشعر بالنقص، خاصة وأنني تزوجت بأقل القليل مقارنةً بأخواتي، ويقهرني الندم حين أزور أهلي ويرون حالي مع زوجي! ويشهد الله أني أتعب في خدمته وأبذل وسعي لإسعاده، لكن نظرته لي لم تتغير.

أريد أن أطمئن، فماذا أفعل؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حميدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لكِ الخير وأن يصلح الأحوال.

لا شك أن الفتاة وأهلها يطمعون في أن يُكرمها زوجها، ولكننا سعِدنا بأنكِ اخترتِ في الرجل دينه، وإذا كان هذا البخل أو التقصير عيبًا كبيرًا بلا شك، فإننا نتطلع إلى النظر إلى الإيجابيات؛ لأنه ما من إنسان إلَّا وعنده سلبيات، وفيه إيجابيات.

ولذلك: أرجو أن تفكري طويلًا وتحاولي تقييم هذه العلاقة بطريقة شاملة، فمن الإنصاف أن تُوضَع السلبيات -ومنها ما أشرتِ إليه- ثم إلى جوارها الإيجابيات، ثم نتذكر أننا لن نجد في البشر مَن هو خالٍ من العيوب، وهذا الأمر ينطبق على الرجال والنساء؛ فنحن بشر، والنقصُ يُلازِمُنا.

وبالتالي، لا نُؤيد أيضًا فكرة المقارنة بين ما عليه الأخريات أو بين حال الآخرين؛ لأن المقارنة دائمًا فيها ظلم، والناس لا يُظهرون إلَّا ما عندهم من الإيجابيات والحسنات، ولكنهم يُخفون الجانب الثاني. فلذلك، إذا وجدنا نعمة من الله علينا، ينبغي أن نحمد الله ونشكره عليها؛ لِنَنالَ بشكرنا المزيد، والشكر جالبٌ للنِّعَم، والشكر حافظٌ للنِّعَم، ونسأل الله أن يعينكِ على الخير.

ونتمنى أيضًا أن يتحسّن هذا الرجل في هذا الجانب، ويُدرك أن: «أفضلُ الدِّينارِ دينارٌ يُنفِقُهُ الرجلُ على أهلِهِ»، وهذا ينبغي أن يعرفه المتدين، ويفهم دينه؛ ليكون حريصًا على إكرام زوجته.

وعمومًا: نحن لا أن تندمي على اختيارك بهذه السرعة، وإذا كنتِ -ولله الحمد- تقومين بخدمته فأبشري بالخير؛ فإن العلاقة الزوجية عبادة لرب البرية، فالزوجة التي تُحسن يجازيها الله، والزوج إن قصّر يُحاسِبه الله تبارك وتعالى. وسعيُكِ لإسعاده والقيام بما عليكِ سببٌ لفلاحكِ ونجاتكِ عند الله تبارك وتعالى، ونتمنى أن يكون هذا الإحسان المستمر منكِ والقيام بالواجبات سببًا لإحساسه -ولو بعد حين- بما ينبغي أن يقوم به من إكرام لأهله، ونسأل الله لنا ولكِ التوفيق والسداد.

وأُكرر دعوتي لكِ إلى التقييم الدقيق لهذه العلاقة قبل اتخاذ أي قرار؛ لأن القرار الصحيح هو الذي ينبني على نظرةٍ شاملةٍ، وتأملٍ عميقٍ، ونظرٍ إلى مآلات الأمور، وردود الأفعال المتوقعة، والفرص المتاحة أمام الإنسان في الحياة، ونسأل الله أن يُقدّر لكِ الخير ثم يرضيكِ به.
هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً