السؤال
جزاك الله خيراً يا دكتور/ محمد عبد العليم على ردك علي، ومع أنك أبلغتني وأكدت لي أنني فعلاً لدي هذه الوساوس، فالحمد لله علي كل شيء، ولكن يا دكتور أريدك أن تجيبني على بعض الاستفسارات والأسئلة، ولكن أستحلفك بالله أن تجيب علي بكل صراحة ووضوح، مهما كان الرد مؤلماً!
أولاً: هل مرض الوسواس القهري يمكن أن يختفي نهائياً من الإنسان المريض للأبد، ولا يعود إلا في صورة وساوس عادية كما تأتي الإنسان العادي؟ وما سبب التغير أو الاضطراب البيولوجي في المخ؟ وهل يوجد بعض الأطعمة أو التمارين التي تجعل هذا الاضطراب يختفي للأبد؟ مع العلم كما ذكرت لك في رسالتي السابقة أنني كنت عادياً حتى دخلت الجامعة.
ثانياً: هل عندما أملأ فراغي ستنتهي بي هذه الوساوس؟ على الرغم أن من أصدقائي من لديه فراغ ولا يعاني من وساوس! يا دكتور أريد أن أصبح إنساناً طبيعياً 100%، ذو شخصية قوية جداً؛ والله لأخدم نفسي وأهلي والمسلمين جميعاً!
ثالثاً: أنا لا أريد أن أتناول دواء مرة أخرى؛ فقد مللت! وإن كان علي ألا أمل، ولكن لا أريد أن أشعر أنني مريض، وأحاول في كل الأوقات أن أتجاهل كل ما بي، وأقول لنفسي: لا تكن ضعيفاً، وكن ذا هدف ورؤية لما هو قادم، وأن قطار الحياة يمر، وأن ما بك إن اتبعته؛ فسوف يؤخرك عن كثير.
ولكني في بعض الأحيان أضعف ضعفاً شديداً، وهذا ما يقهرني، فمن الممكن أن أرجع خطوة واثنتين ولكن لا أرجع 100 خطوة إلى الوراء! فهل يمكن أن أستخدم العلاج السلوكي فقط؟ وهل هو مجد، ويمكن أن يحقق الشفاء 100%؟ وهل فعلاً إذا استمريت علي تجاهل الوساوس وعدم طاعتها، يؤدي هذا إلى تغير كيمياء المخ إلى العمل سويا؟
رابعاً: هل فعلاً لكل مريض بالوسواس خصوصية؟ أي أن الذي يعاني من وساوس معينة، إذا سمع أو قرأ وساوس أخرى لا تصيبه في التفكير، وإن فكر بها فإنها تزول بسرعة؟ أم أنه يتبعها ويعاني منها؟
خامساً: أحياناً يا دكتور محمد، أو دعني أقول يا أخي الكبير/ محمد! أحياناً أكون في قمة السعادة والبهجة وكأنني تخلصت نهائياً من الوساوس، بل إنني عندما أتذكرها أقول: ما هذه التفاهات التي كنت أفكر بها؟ وهذه الحالة تحدث لي كل فترة، نقول يمكن أن تكون في الشهر ثلاث مرات، وكل مرة تستمر في المتوسط يوماً واحداً، فهل هذا دليل على أن كيمياء المخ تنضبط وترجع لتكون - أو لتعمل - بشكل سوي كالماضي؟
سادساً: الآن وفي كثير من الأحيان عندما تأتيني فكرة وسواسية أضحك وأستهزئ بها، وأقول لنفسي: أرح بالك ويكفي هذا، يكفي ما أهدرناه من أوقات في الحزن والغم والاكتئاب.
وأيضاً عندما تأتي الفكرة كنت في الماضي أحاول أن أتجاهلها بالجملة، ولكن الآن عندما تأتي فكرة أحاول أن آتي بفكرة معاكسة لها، علي سبيل المثال: إذا أتت لي فكرة أنني لا أحب أبي أو أمي وهذه فكرة حديثة علي، فإنني أتذكر نفسي وأنا أقبل أيديهم وأنام على أكتافهم، وما فعلوه معي وحنانهم، ثم أنتهي عن التفكير، وإن عاودني التفكير فإنني أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم لا أفكر أساساً، فهل هذا صحيح أم لا؟ أم يوجد شيء أفضل من ذلك؟
سابعاً: هل فعلاً أنني ينبغي ألا أوهم نفسي عندما أقرأ فكرة وسواسية في كتاب أو أسمعها من أحد؟ أي ألا أكتسبها وأشغل بها دماغي، أو أفتري علي نفسي وأقنعها بأنني ما دمت مريضاً فلابد أن أفكر كما يفكر المرضي! فأنا أشعر بأنني أرهق نفسي، وأشعر أنني إن كنت فعلاً أعاني من وساوس فإنها بسيطة، وإن كانت أكثر بقليل من الإنسان العادي ولكنها ليست بالحجم الذي أضع به نفسي؛ بسبب ما قرأته، أو الأصح بسبب الوهم الذي ركزته في أم عقلي.
ليتك يا أخي محمد تفهمني جيداً، فأنا لا أقول أن ليس بي وسواس ولكن ليس بالحجم الذي أوهمت به نفسي؛ فهو أكثر قليلاً من الوسواس العادي الموجود عند كل إنسان؛ مما جعلني أشعر بهذا الوهم، وأضخم ما أنا فيه من وساوس والزيادة عليها من أفكار أخرى؛ بسبب فراغي، وإيهام نفسي بالمرض؛ مما زاده بشكل كان من الممكن ألا يوجد، ولكن الحمد لله!
أرجو مرة أخرى أن تفهمني، وإن شاء الله ستفهمني لأنني أحببتك يا أخي محمد، وأتوسم فيك العلم بهذه الأمور، وجزاك الله عني خير الجزاء، وبورك فيك، وجعلك الله سبباً لشفاء كل المسلمين، والله يسددك يا أخي محمد.