السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاماً، أدرس في السنة الثالثة من الجامعة، ومنذ سنة بدأت أشعر أن أفكاري مشتتة حيث أنتقل من موضوع لآخر دون أي روابط منطقية، ولا أستطيع التحدث مع أحد ولا أحتمل سماع أحد، ولا أستطيع رواية حدث حصل لي أو لغيري، فالجمل غير مترابطة، وأشعر أن ذاكرتي فارغة، بل في الواقع لا أشعر بشيء، ومشاعري متبلدة، ولم أعد أكترث لأي شيء.
وقبل سنتين كنت اجتماعية ويستمتع بصحبتي حتى من هم أكبر مني بخمس سنوات، وأما الآن فقد تخلى عني الجميع، ولم تعد لي أي علاقات اجتماعية.
وربما كنت أوصف أينما تواجدت بمستوى عالٍ من الذكاء، ولكن لم أستطع التفكير بشيء، وكنت دائماً أشعر بزخم في الأفكار تتزاحم في رأسي، مما كان يمنحني شيئاً من السعادة ويميزني، وأما الآن فكل ما أشعر به هو الفراغ.
وتأخذني الأحداث اليومية وأي كلمة تقال في جواري تسيطر علي لفترة ما، وما أن تنتهي كل المحاولات لاستنباط شيء ما للعيش عليه من هذه الكلمة حتى أجد غيرها من الجوار أيضاً، وأصبحت منعزلة طول الوقت.
وأصبحت تستهويني الأفلام والقصص الخيالية، وصار خيالي واسعاً جداً طول الوقت، ولا أستطيع قراءة مقال من صفحة، لأنني أفقد المتابعة والتركيز بسرعة، وأنسى كل شيء حتى الأشياء التي حدثت قبل دقائق فقط.
ولم تعد لي رغبة بالدراسة، وهي التي أبني عليها كل آمالي في هذه الدنيا، وهذا ما يخيفني ويدفعني حقاً للبحث عن الحل، وفقدت الرغبة في الحياة وفي كل شيء، ويراودني إحساس بالرغبة في دفن نفسي أو التمرد على هذا العالم، وأنسحب من ذلك إلى نوم طويل غير عميق، تتخلله أحلام وخيالات مزعجة، وعالم آخر مستمد من العالم الذي أعيش فيه بأشخاصه وأماكنه ومصطنعاً بأحداثه من قبلي.
وفي أوقات عزلتي أتحدث مع بعض الأشخاص، وهم غالباً أشخاص موجودون على أرض الواقع، أتحدث إليهم طويلاً، ثم أعيد النظر في حديثي فأرى أنني كنت مخطئة وأن حديثي كان يميل إلى الانفعال بدلاً من الواقعية، فأقوم بتأنيب نفسي.
وأشعر بالمعاداة من قبل من حولي، وأحياناً عندما أكون في حالات نصف النوم وأسمع كلمة من أمي أو من غيرها - قد لا يكون الكلام موجهاً لي ولكنه بنبرة منفعلة - أستيقظ فزعة لأعرف ما يحصل أو أحياناً أرد بعنف بالغ.
وفي فترة ما كان كثيراً ما يراودني خيال أني سأفقد عائلتي كلها في حادث سيارة أو ما شابه وأبقى وحدي، ولم أكن أحزن لهذا الشعور، بل كنت أود حدوثه وأخطط لما سأفعل فيما بعد وكيف سأعيش.
وقد أصبحت عصبية جداً، فعندما أتعرض للأذى أرد الصاع عشراً حتى لو لطفل عمره خمس سنوات، وربما أحدثكم الآن وأنا في أفضل حالاتي، ولكن هذا الحال لا يدوم طويلاً، وأكثر ما يشعرني بأن لدي مشكلة هو تعاقب حالات أفضل من التي أعيش فيها حالياً، وربما يكون أحد أسباب الأزمة التي أمر بها هي عدم وجود شخص بالعائلة يستطيع سماعي ومشاركتي أفكاري، وحتى لو وجد فلا أظن أنني سأبوح له بشيء، فهل أنا مصابة بالفصام أو مرض نفسي آخر أم أن حالتي طبيعية؟
وجزاكم الله خيراً.