الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي مريضة ونحن نعاني ضعف الجوانب المادية والمعنوية، ما العمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة، وأمي تعاني من مرض السرطان، وهي الآن على فراش الموت، وأنا الابنة الصغرى، ولدي أخ أكبر مني بخمس سنوات.

تأثرت كثيرًا بأمي، خصوصًا أنني أراها يومًا بعد يوم تتألم وتحتضر، وتقول إنها ستتركنا صغارًا بدون بيت، لكننا نحمد الله على كل حال.

أعاني حاليًا من نقص كبير في الجوانب المادية والمعنوية، وقد تراجعت دراستي كثيرًا، ولم أعد قادرة على الاستمرار فيها، وأخي عاطل عن العمل، رغم حصوله على رخصة في سياقة الشاحنات الكبيرة، ونفسيتي متعبة كثيرًا، فبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -أيتها الأخت العزيزة-، ونسأل الله تعالى أن يشفي والدتك، ويذهب عنها كل سوء ومكروه، وأن يجزيك خيرًا على برّك بها، وتألمك لأجلها.

كوني على ثقة بأن ما يقدّره الله تعالى للإنسان هو الخير، وإن كان الإنسان قد يتألم من هذا المقدور لجهله بالغيب، وعدم علمه بما ستؤول إليه الأمور، فما قدّره الله لكم من مرض الوالدة، وربما ضيق في الرزق؛ كل ذلك خير بإذن الله، فالله عز وجل أرحم بكم من أنفسكم، فأحسنوا الظن بالله تعالى، واصبروا، وستجدون أثر ذلك في حياتكم سعادة وطمأنينة.

ولا تقلقي ولا تحزني ولا تخافي من عدم الرزق في المستقبل، فإن الله تعالى بيده خزائن السماوات والأرض، وهو إذا أراد أن يرزق عبده، رزقه من حيث لا يتوقع، وكم من المخلوقات في هذا الوجود عاجزة عن كسب رزقها، والله عز وجل يتولى أمرها، ويسوق إليها أرزاقها، فقد قال سبحانه: {وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم}.

فأحسنوا الظن بالله تعالى، فهو سبحانه يعامل عبده بحسب ظنه به، كما قال سبحانه في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي"، وتيقني بأن التوكل على الله والاعتماد عليه من أعظم أسباب الرزق، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصًا وتروح بطانًا"، ومعنى تغدوا خماصًا: أي تخرج أول النهار جياعًا، ومعنى وتروح بطانًا: أي ترجع آخر النهار ممتلئة البطون.

فلا تحزني، فإن الذي يرزقكم اليوم هو الذي سيرزقكم غدًا، واعلمي أن هذا الهم من كيد الشيطان ومكره، يريد صرفكم عما ينفعكم، فهذا الهم لن يجلب لكم الرزق، بل به تتعطل حياتكم وتتكدر أوقاتكم، فلماذا الهم والحزن؟ إن الأنفع لكم أن تتوجهوا إلى أعمالكم متوكلين على الله تعالى، محافظين على طاعته، والقيام بفرائضه، وسيأتيكم ما قدره الله لكم.

إن نصيحتنا لكم: أن تتقوا الله تعالى، وتكثروا من الاستغفار، والتقرب إليه بالطاعات، فهذا من أعظم أسباب الرزق، فقد قال جل شأنه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، ثم حاولي نصح أخيك بأن يتعرف على الرجال الصالحين في المساجد، ويحاول الاستعانة بهم في البحث عن عمل يناسبه.

إننا نؤكد ثانية أن الحزن والقلق والانقطاع عن الجد والاجتهاد، لن يجلب للإنسان رزقًا، ولن يسوق إليه سعادة، فدعي عنك الهم والقلق، واحرصي على ما فيه منفعة لك، واستعيني بالله تعالى، واحرصي على طاعته، وسيأتيك الفرج من حيث لا تحتسبين.

ونسأل الله تعالى أن يتولاكم بعونه ورعايته ويقدر لكم الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً