الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوجيه البلاغي لقوله تعالى (يريدون أن يطفئوا.) وقوله (يريدون ليطفئوا.)

السؤال

قال تعالى في سورة التوبة "يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون* هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" وقال تعالى في سورة الصف "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون* هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" فما هو وجه الفرق بين النصين مع تقاربهما، وهل هناك فائدة زائدة في تغيير التعبير؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقول الله عز وجل: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ* هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {الصف:8-9}، كان في أواسط العهد المدني، وقوله تعالى: يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ* هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {التوبة:32-33}، كان في أواخر العهد المدني، فكأن النص الأول يشير إلى إعداد الكافرين الوسائل التمهيدية ابتغاء إطفاء نور الله بأفواههم، والنص الثاني يشير إلى إرادة الكافرين إطفاء نور الله بأفواههم بعد أن استكملوا إعداد الوسائل بحسب تصورهم.

وفي كلا التعبيرين من أوجه البلاغة ما لا يخفى.

قال في التحرير والتنوير: .... لما حاولوا طمس الإسلام كانوا في نفس الأمر محاولين إبطال مراد الله تعالى فكان حالهم في نفس الأمر كحال من يحاول من غيره فعلاً وهو يأبى أن يفعله. والاستثناء مفرغ وإن لم يسبقه نفي، لأنه أجري فعلى يأبى مجرى نفي الإرادة، كأنه قال: ولا يريد الله إلا أن يتم نوره. ذلك أن فعل (أبى) ونحوه فيه جانب نفي، لأن إباية شيء جحد له، فقوي جانب النفي هنا لوقوعه في مقابلة قوله (يريدون أن يطفئوا نور الله) فكان إباء ما يريدونه في معنى نفي إرادة الله ما أرادوه... وجيء بهذا التركيب هنا لشدة مماحكة أهل الكتاب وتصلبهم في دينهم ولم يجأ به في سورة الصف إذ قال:( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ). لأن المنافقين كانوا يكيدون للمسلمين خفية وفي لين وتملق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني