السؤال
قال تعالى: عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًاِ.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالأبكار فانكحوهن، فإنهن أفتح أرحاماً، وأعذب أفواهاً، وأغر غرة. لماذا تم تقديم الثيب على البكر في كتاب الله بينما تم تقديم البكر على الثيب في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما الحكم في النصح بالزواج من الثيب بدل البكر والعكس، وهل من فعلت فاحشة بينة أو غير بينة وهي بكر وزالت عذريتها أو لم تزل تسمى بكرا أم ثيبا، وماذا إذا كانت الفاحشة في الدبر فهل تسمى بكرا أم ثيبا، وما الحكم في الزواج منها أو النصح في الزواج منها، وهل يضر الإنسان الزواج من بكر أو ثيب؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
تقديم الثيب في الآية لا يقتضي التفضيل لأن الواو العاطفة لا تفيد سوى مطلق الجمع في اللغة، والبكر نكاحها أفضل في الجملة لما دلت عليه السنة المطهرة ولا حرج في نكاح أي منهما شرعاً ولا ضرر فيه من حيث ذاته، ولا تصير المرأة ثيباً إلا بوطء في عقد صحيح أو بشبهة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتقديم الثيبات على الأبكار في الآية لا يقتضي التفضيل لأن الواو تفيد مطلق الجمع ولا تقتضي ترتيباً، ونسق الآية يقتضي تقديم كلمة ثيبات المختومة بالتاء مع نظائرها، وقيل أيضاً إنه قدم وصف الثيبات في الآية لأن أكثر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجهن كن ثيبات، قال صاحب التحرير والتنوير: ولعله إشارة إلى أن الملام الأشد موجه إلى حفصة قبل عائشة... وهذا التعريض أسلوب من أساليب التأديب.
وقد دلت السنة المطهرة على أن الأبكار أولى وأفضل في النكاح من الثيبات كما في قوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهاً وأنتق أرحاماً وأرضى باليسير. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني..وكذا قوله صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه: هلا تزوجت بكراً تلاعبها وتلاعبك... متفق عليه واللفظ للبخاري.
ونص بعض الفقهاء على أن نكاح البكر مندوب إليه شرعاً، قال خليل المالكي في مختصره الفقهي: ندب لمحتاج ذي أهبة نكاح بكر. وهذا من حيث الجملة وإلا فقد يكون نكاح الثيب أفضل بالنسبة لمريد النكاح إذا كان ذلك لمعنى أو حاجة ونحوها ولذا قال جابر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: إن لي أخوات فخشيت أن تدخل بيني وبينهن، قال: فذاك إذن، إن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك. رواه مسلم.
وأما الحكم في النصح بنكاح البكر فلا حرج فيه فقد نصح النبي صلى الله عليه وسلم جابرا بنكاح البكر فبين له عذره في ذلك، وإن كان هناك معنى يقتضي النصيحة بنكاح الثيب فلا حرج فيه أيضاً.
وأما متى تسمى المرأة ثيباً فقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 58931، والفتوى رقم: 76985.
وذكرنا فيهما الفرق بين البكر والثيب، وليس وطء المرأة في دبرها أو زناها مما يفقد المرأة بكارتها فتصير ثيباً، وإنما أن تنكح في عقد صحيح أو ذي شبهة كما بينا.
والله أعلم.