السؤال
لدى بنت واحدة فقط هي كل ما رزقت به من ذرية، فهل يجوز أن أوصي لها بجزء من تركتي غير نصيبها الشرعي، وما هو مقدار ما يوصي به، وهل يجوز لي أن أبيع بعضا مما أملك لابنتي بيعا وشراء، مع العلم بأني لن أتقاضى منها ثمنا للبيع، ومن أقاربها سوف يشاركها في الميراث، مع العلم أن لي أما وثلاثة أشقاء ذكور وثلاث شقيقات إناث، فأرجو الإفادة بالتفصيل؟ ولكم وافر التحية.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
لا تجوز الوصية للوارث أصلاً ولا تجوز لغيره بأكثر من الثلث إلا إذا أمضى الورثة ذلك وكانوا بالغين رشداء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا تجوز الوصية للوارث أصلاً، ولا يجوز لغيره بأكثر من الثلث، ولا تصح إذا وقعت إلا إذا أجازها الورثة الرشداء البالغون، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وأصحاب السنن.
ولذلك فلا يجوز لك أن توصي لابنتك لأنها وارثة، وأما مقدار ما يوصى به لغير الوارث فهو الثلث فما دونه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني. ولما في الصحيحين من حديث سعد رضي الله عنه: ... الثلث والثلث كثير.
وأما البيع لابنتك بالكيفية المذكورة فلا يصح لأنه ليس بيعاً حقيقة، وإنما هو بيع صوري يقصد به حرمان بعض الورثة من حقوقهم التي فرضها الله تعالى لهم، ولكن لا مانع أن تبيع لابنتك بيعاً حقيقياً أو تهب لها جميع ممتلكاتك أو ما شئت منها هبة صحيحة تامة الشروط، وبذلك تملك هي ما بيع لها أو ما وهب لها ولا يحق لغيرها من الورثة المطالبة به.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.