الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى (الذين لا يؤتون الزكاة ..)

السؤال

الآيتان... بسم الله الرحمن الرحيم: قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي إنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين (6) الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون (7). صدق الله العظيم، سبب ربط الزكاة مع المشركين (الذين لا تجب عليهم الزكاة أساسا وإنما على المسلمين فقط)، فأفيدونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فآية الزكاة فيها تفسيران: أحدهما: أن المراد بها زكاة النفس وطهارتها من الأخلاق الرذيلة وأخطرها الشرك، ويدل لهذا تفسير ابن عباس لها بأنهم لا يشهدون أن لا إله إلا الله، وقد احتج ابن كثير لهذا المعنى بالآيات الواردة في القرآن المكي وتعبر بالزكاة عن تطهير النفوس، مثل قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا {الشمس:9-10}، وقوله: قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى {الأعلى:14}، وقوله: فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى {النازعات:18}، وبأن الزكاة لم تفرض إلا في العام الثاني من الهجرة.

التفسير الثاني: أن المراد بها زكاة المال واختاره الطبري، وعليه فيحتمل أن يكون الأمر بالزكاة ورد في مكة ثم بينت أنصبتها ومصارفها وتفصيلاتها بالمدينة، وقد ذكر بعض المفسرين ومنهم البيضاوي والشنقيطي في الأضواء أن الآية حجة لبعض علماء الأصول القائلين بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ويدل لذلك أيضاً قوله تعالى: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ* حَتَّى أَتَانَا اليَقِينُ {المدثر}، ومثله قوله تعالى: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ* إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللهِ العَظِيمِ* وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ* فَلَيْسَ لَهُ اليَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ* وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ {الحاقة}، وراجع للبسط في مسألة خطابهم بالفروع وعدم قبولها منهم حتى يؤمنوا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20318، 54703، 37319، 76428، 75818، 56735.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني