السؤال
هل لأمير المؤمنين أن يفرض على الرعية المذهب الفقهي الذي يذهب إليه هو وعلى الرعية طاعته في ذلك المذهب وإن كانوا يرون خلافه من المذاهب وأن ذلك من طاعة الأمير وجمع كلمة المسلمين التي هي أحد أسباب الإمارة، كما هو الحال عندما صلى بعض الصحابة رضوان الله عليهم خلف عثمان رضي الله عنه متمين وهم يرون القصر أي خلاف ما يذهبون إليه من أجل أن الخلاف شر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس لأمير المؤمنين أن يفرض على الرعية المذهب الفقهي الذي يذهب إليه هو، وذلك لأن الحكمة في الاختلاف بين أهل العلم جلية واضحة لكل ذي بصيرة، وهي أنه لا مذهب في المذاهب ولا إمام في الأئمة قد حاز على الصواب في كل ما قال به من أقوال، فمن أقواله ما هو صواب، ومنها ما هو غير صواب، وما كان من أقواله غير صواب يرجع فيه إلى الصواب من أقوال غيره، ولو أراد الله أن تكون نصوص الكتاب والسنة لا تحتمل إلا وجهاً واحداً لا اختلاف فيها ما أعجزه ذلك، ولكنه أراد من ذلك الخلاف حكماً يعلمها سبحانه.
وإتمام الصحابة صلاتهم في منى خلف عثمان رضي الله عنهم جميعاً ليس لأنه هو أمير المؤمنين، وإنما هو لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه. كما في الصحيحين وغيرهما. فوجوب الإتمام في هذه الحالة هو الواجب، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 8684، ولو أراد الإمام فرض مذهب واحد على جميع رعيته لم تجب عليهم طاعته في ذلك، لأن الطاعة إنما تجب في المعروف، وهذا ليس من المعروف.
والله أعلم.