السؤال
لي قريب عرف عنه الاستقامة والصلاح وكان أحد خطباء المساجد في إحدى المدن، وفجأة سافر إلى إحدى الدول الغربية واعتزلنا جميعا، وبعد مرور السنين والأعوام استطعت أن أحصل على عنوان إقامته وبعد تواصلي معه ومع بعض الإخوة هناك عرفت أن حاله قد تغير كليا فلم يعد مستقيما أو محافظا أو ملتزما، وأصبح كارها للعيش والناس أجمع، وبعد الإلحاح الشديد مني على معرفة أسباب تغيره، أوضح لي بعد أن استحلفني أن لا أطلع أحداً على سره، لكن حرصي على مساعدته جعلتني أكتب لكم بهذا وقد أكون آثما لفعلي هذا، فهو يقول إنه كان يعير بأنه ابن زنى ذلك كان في صغره وكان يتجاهل ذلك ولما كبر وشارفت أمه على الموت استحلفها بالله فاعترفت له بأنه ابن غير شرعي، فأثر ذلك عليه أثراً بالغاً وقلب موازين الأمور لديه، وفقد الثقه بالناس، حتى قال لا يمكنني أن أكون مستقيما وأن أدعو الناس وأنا أعرف حقيقتي، فهل يمكن أن يكون الابن غير الشرعي مستقيما وصالحا أم لا خصوصا أنه لا ذنب له بذلك، وبم تنصحونني أوجه قريبي؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأمر على ما ذكرت من كون ولد الزنا لا دخل له فيما حصل من زنى أمه، ولا يمنعه ذلك من أن يكون رجلاً صالحاً تنتفع به أمته، فهو داخل في عموم الإنسان الذي قال الله تعالى عنه: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا {الإنسان:3}، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 63153.
ومن أهم ما ينبغي أن تذكر به هذا الشخص هو أنه في ابتلاء وأنه كغيره من البلايا التي قد تصيبه في الدنيا ويحتاج منه إلى الصبر، وراجع في فضل الصبر الفتوى رقم: 18103.
ثم إنه على فرض أن أمه قد زنت فإن كانت ذات زوج فإنه ينسب إلى زوجها لأنه صاحب الفراش، ولا يجوز نسبته إلى غيره أو نفي نسبته إليه إن لم ينفه الزوج بلعانٍ؛ كما هو معروف، فلا ينبغي له أن يلتفت أو يشغل نفسه بما يقول الناس، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 32365.
وعلى فرض كونه ابن زنى وأن أمه ليست ذات زوج فليس هنالك علاقة بين كونه ابن زنى وكونه مكلفاً محاسباً على أعماله، فلماذا إذاً الانحراف عن النهج المستقيم؟! وليسأل نفسه هل في انحرافه حل لمشكلته أم أن هذا يزيده بلاء على بلائه، وبذلك قد يخسر دنياه وأخراه، فينبغي أن تذكره بهذه المعاني بأسلوب لطيف عسى الله أن يجعل له الصلاح على يديك فتؤجر على ذلك.
والذي يظهر أنك لا تأثم بسؤالك عن أمره، فلا يبدو أن في السؤال عن هذا الأمر إفشاء لما استكتمك من سر، ولا يترتب على السؤال عن أمره بالصيغة التي ذكرتها شيء مما يخشاه، وفي ختام هذا الجواب ننبه إلى أمر وهو أن إقامته في بلاد الكفر قد تكون سبباً أساسياً في انحرافه من حيث لا يشعر، وقد نص العلماء على أنه لا تجوز الإقامة في بلاد الكفر لمن يخشى الفتنة في دينه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.