الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في البنك الربوي ممن ليس مضطرا إليه

السؤال

قصتي تبدأ بأبي الذي عمل بالربا لأكثر من 25 عاما و أطعمنا و كبّرنا على المال الحرام الذي لم يبارك الله به، حيث إنه أخيرا و الحمد لله طرد من عمله لمبدئه المستقيم في العمل من عدم اخذ الرشاوي و تقديم التسهيلات إلخ...كنت قد تخرجت من الجامعة منذ سنة تقريبا "قبل خروج أبي من العمل بحوالي 5 شهور" درست نظم الحاسوب و البرمجة، و أخذت أبحث عن عمل في مجالي لكي أبدأ حياتي و أقدم لأهلي و لكن لم أجد إلا في بنك ربوي بعد 3 شهور...لم أكن أعرف بإثم العمل بالربا و الغضب الرباني و النبوي تجاه آكل الربا، فقبلت بالعمل معهم و كان أبي سعيدا جدا لوظيفتي حيث إنني أول من أدخل دخلا آخر إلى البيت من إخواني.. و مضيت في العمل حتى هذه الساعة.هداني الله سبحانه و تعالى في يوم من أجمل أيام حياتي من حوالي الشهر و نصف، و الحمد لله لا أقطع فرضا من فروض ديني وعبادتي و أعبد ربي خائفا شاكرا محبا خجولا تقيا. و بدأت في حفظ القرآن و ختمه وقيام الليل وأدرس الاحاديث من صحيح مسلم و أطبقها في حياتي و أدعو أهل بيتي و أصدقائي و أحثهم على الصلاة و سبحان مغيّر الأحوال..كنت قد قدمت استقالتي من البنك في شهر 1 وعندما بلغت أهلي "أبي و أمي" بالموضوع لم يعجبهم حيث إنني بحاجة للمال الآن والوضع لا يحتمل جلوسي في البيت و أبحث عن عمل.. غضبت أمي قلت لهم إن من يتق الله يجعل له مخرجا، فردت أمي قائلة: هناك أولويات فالحياة و من سيساعد إخوانك. مع العلم أن أبي حصل على تقاعد لا بأس فيه من البنك و لكن استثمروا المال في شراء قطعة أرض لضمان توفير المبلغ.. و تعكزهم علي في مصروف البيت و توفير لقمة العيش مع أن مرتبي و الحمد لله ليس بحمل لهذا كله و لا آخذ منه لي و لم أدّخر منه شيئا لمستقبلي..و اني والله والله والله أخاف غضب ربي من غضب أبي و أمي و لا أدري مالعمل، أدعو الله كل يوم أن يتوب علي من هذا العمل القذر و أن يهدي أهلي إلى التفكير الصائب.كنت قد سألت إماما في أحد الجوامع بعد صلاة الظهر، فقال لي اخرج من عملك و من يتق الله يجعل له مخرجا فذهبت إلى البيت سعيد لما سمعت متفائلا متوجها لأمي لأخبرها بالخبر و لكن المصيبة أنها ردتني بقولها: لا ترد عليه... أصبحت قبل أمس من حلم كنت قد ختمت فبل نومي سورة "النساء"و أعوذ بالله منه ألف مرة حلمت أنني أتعارك مع إبليس، لم أره في منامي و لم أخف منه، كان يحاول أن يصرعني و لكني بقيت أصارع فيه و أتقلب في نومي، كنت أحس على نفسي أتقلب و أترنح و لكن الحمد لله لم يستطع لي شيئا.. صحوت و أقمت الصلاة و ذهبت إلى العمل فتحت الحاسوب دخلت على أول موقع تفسير أحلام بتفسير ابن سيرين و قرأت ما قرأت... قرأت "اني أأكل الربا" و أني ماعدت أستطيع التحمل حتى لو كان في غضب أبي وأمي.فأرجو الاطلاع على المشكلة من جميع أبوابها و اطرافها للخروج بالجواب الشافي و جزاكم الله خيرا. قال الله تعالى "وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ".

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهنيئا لك بالتوبة والالتزام بالصلوات، والاشتغال بدراسة العلم. ونفيدك أن العمل في البنوك الربوية يحرم لما فيه من الإعانة على الربا فيجب التخلص منه، لمن لم يكن مضطرا إليه، وأيقن أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. ولا يجوز إرضاء الوالد بمعصية الله. وأما الأحلام فليس عندنا تعليق عليها لأنها ليست من اختصاصنا مع أن ما ذكرته أنت تفسير وجيه جدا فقد قال الله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (البقرة:275).

ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 65327، 100637، 72127، 71225، 66307، 70533.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني