الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طريق التوبة من الاستيلاء على المال العام

السؤال

أرجو منكم جزاكم الله خيرا أن يتسع صدركم لمشكلتي ،لأن سؤالي طويل نوعا ما وأن تجيبوني بالتفصيل علما أنني راجعت جميع الأسئلة الموجودة في الموقع المتعلقة بموضوع سؤالي ولكنني أريد جوابا على مشكلتي بالتحديد واعذروني لهذه المقدمة فأنا أعيش في خوف شديد من الموت قبل أن أتخلص مما أنا فيه ومشكلتي هي:أشهد الله تعالى أنني تبت إلى الله توبة صادقة من جميع الذنوب التي ارتكبتها في الماضي وخاصة المتعلقة بالمال الحرام موضوع مشكلتي حيث إنه لدي الكثير من الاموال الحرام وأنا أعلم أنها ليست ملكي بعد توبتي ولقد حصلت عليها بطرق غير شرعية من المال العام ولفترة حوالي (7) سنوات تقريبا والسبب الرئيس لذلك هو ضعف الايمان بالله تعالى وقسمته العادلة سبحانه وتعالى للأرزاق ، وأنا أعلم ان التوبة الصادقة تتم بإعادة هذه الأموال وأقسم بالله تعالى أنني أريد ذلك ولكن سيصيبني ضرر بالغ إذا فعلت ذلك وأعلم أيضا أنه يمكنني التخلص من هذه الأموال بصرفها في مصالح المسلمين العامة اذا لم أستطع اعادتها وسوف أبين أدناه طريقة صرفي لهذه الاموال قبل توبتي وماذا تبقى منها وعلى النحو التالي :1- في تكاليف المعيشة لي ولعائلتي في شراء المأكل والملبس وكل مايحتاجه أي بيت من الأشياء واللوازم الضرورية ، وأعطيت من هذا المال للفقراء والمحتاجين من الأقارب وغير الأقارب علما أنني لم أصرف أي مبلغ من هذه الأموال الحرام أصلا في اللهو وشرب الخمور والميسر والزنا...الخ. ماهو حكم ذلك لأنني أطعمتهم من هذه الأموال خلال هذه السنوات وماكفارة ذلك؟ 2- تزوجت من هذا المال وساعدت الكثيرين للزواج من هذا المال ومن ضمن مصاريف الزواج شراء الذهب لزوجتي وعلى فترات متباعدة خلال هذه السنوات .ماهو حكم هذا الزواج وهذا الذهب ؟ وماهو حكم من أعطيتهم المال للزواج علما أنني أعطيتهم المال على سبيل الهدية وليس دينا ؟3- قمت بشراء وبيع سيارات متعددة خلال هذه المدة وحاليا لدي سيارة واحدة فقط أنا بحاجة ماسة إليها. ماهو الحكم ؟ماذا افعل ؟4- قمت بشراء وبيع عقارات كثيرة وكبيرة وحاليا لدي الكثير من هذه العقارات وبمبلغ حوالي(1,500,000) ريال سعودي. ماهو الحكم الشرعي؟ماذا أفعل؟،علما أنني لا أملك أي عقار خاص حيث أعيش في بيت العائلة ومنذ زواجي والبيت ضيق علينا جدا.5- قمت بإقراض مبالغ من هذه الأموال إلى العديد من الأشخاص وبمبالغ تترواح من 2500 ريال سعودي ولغاية 50,000 ريال سعودي ومجموع هذه المبالغ حوالي(120,000) ريال .ماهو الحكم ؟ماذا أفعل ؟ علما أن الكثيريين منهم فقراء لايملكون المال الذي أقرضتهم إياه، هل أسامحهم على سبيل التخلص من هذه الأموال ؟6- بقيت لدي من هذه الأموال مبلغ حوالي(100,000) ريال سعودي وأنا بصراحة محتاج إلى هذا المال .ماهو الحكم؟ وماذا أفعل؟ وهل يجوز لي صرف هذه الأموال للسفر من أجل الدراسة والعلاج في الخارج إذا كان الحكم الشرعي يجيز لي الاحتفاظ بهذا المبلغ؟وأرجو إسداء النصح لي في مشكلتي أعلاه وبماذا تنصحونني للثبات على التوبة وعدم العودة إلى المعاصي مرة أخرى؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

يجب التخلص من المال العام في مصالح المسلمين العامة، ولك أن تنفق منه على نفسك وعلى عيالك حسب حاجتك.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحمد لله على أنك أخذت الطريق إلى التوبة بما ذكرته من الندم والخوف الشديد من الموت قبل أن تتخلص مما أنت فيه.

والذي ننصحك به هو أن تخلص في توبتك، وتسعى في فعل الخير، وتقترب من الصلحاء وتبتعد عن أهل السوء، وتواظب على العبادة والطاعة، وغير ذلك من كل ما يقربك من الله ويبعدك عن طرق الشيطان.

والتوبة من أخذ المال العام بغير حق لا تتم إلا بإرجاعه إلى الجهة التي نيل منها إذا كانت تصرفه في مصارفه الشرعية ، فإن كانت لا تنفقه في ذلك فيجب إنفاقه في مصالح المسلمين العامة، وضابطها: كل ما لا يعود نفعه على أحد معين وكان نفعه مشاعا بين المسلمين، كرصف الطرق وإنشاء الجسور وبناء المدارس والمستشفيات ودور الأيتام ونحو ذلك. كما يمكن أن يصرف على الفقراء والمحتاجين.

وما ذكرت أنك صرفت فيه الأموال، منه ما يعد مصرفا لها، كالذي قلت إنك أعطيته للفقراء والمحتاجين من الأقارب وغير الأقارب، وكمساعدتك الكثيرين في الزواج إذا كانوا محتاجين، وكإنفاقك على عائلتك إذا لم يكن لك مصدر آخر تنفق منه.

كما أن ما أقرضته من هذا المال لمن وصفتهم بأنهم فقراء لا يملكون المال الذي أقرضتهم إياه، يمكنك أن تتركه لهم على سبيل التخلص منه.

وأما ما سوى ذلك مما أتلفته من هذا المال في غير مصارفه الشرعية فالظاهر –والله أعلم- أنه تقرر في ذمتك. والواجب أن تتخلص مما عندك منه، مع العزم على أنك ستخرجه متى قدرت على ذلك.

ولك أن تنفق منه على عيالك وعلى نفسك بحسب حاجتك. قال النووي في المجموع: وله أن يتصدق به [ يعني المال الحرام ] على نفسه وعياله إن كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضا فقير. انتهى كلامه.

ومن هذا يتبين لك أن صرفك هذه الأموال للسفر من أجل العلاج في الخارج إذا كنت محتاجا إليه، ولم تجد بدا عنه فإنه يجوز لك.

وكذا الحال بالنسبة للدراسة إن كنت محتاجا لها أو كان المجتمع محتاجا إلى تعلمك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني