السؤال
أنا شاب مصري يعمل في إحدي الدول العربية تعرفت هناك علي شابة فلسطينية أردنية تسكن مع أهلها وكنا نحب بعضنا وكان والدها رافضا أن يزوجها من غير جنسيتها وكانت والدتها تعلم بمدى حبنا لبعضنا وكانت متعاطفة لهذا الارتباط، وخوفا من رفض الوالد تزوجنا سرا ولم يكن هناك شهود وبدون علم أهلها أو حتى أمها وتم الزواج كالآتي سألتها كم مقدم تريدين وطلبت شيئا رمزيا، والمؤخر كان مصحفا ودخلت بها سراً مع علمي بأنها ليست بكراً حيث كانت قد صارحتنى من قبل بأنه كانت قد غرر بها وهي صغيرة فكان ذلك من أسبابي للزواج بها ستراً لها مع حبي الشديد لها، ومع ظن والدتها أن علاقتي بها لم تتطور لهذا الحد كانت تعمل لنا استخارة وكانت ترى فى الرؤيا حياة غير سعيدة، حدث بعد ذلك مشكلة صغيرة بيني وبين زوجتي فظنت زوجتي أن ما حدث بيننا بسبب هذه الرؤيا وقررت زوجتي أن تتركني ولم تحمل مني، ورجوتها بكل الحب والتمسك بها ولم تستجب، وقالت لي أمها يا بني أنت شاب محترم وإنه كل شيء نصيب وإن شاء الله يكون لك أحسن منها وذلك ظنا منها أني لم أدخل بها، وأنا أشهد الله أني أحبها ومتمسك بها.
السؤال الآن: هل هذا يعتبر زواجا أم لاـ ولقد صليت صلاة الاستخارة ولم تكن هناك علامة ترشدني أن أبعد عنها كيف أعرف أنها نصيبي أم لا، نحن لا زلنا نحب بعضنا فهل يمكن بأداء الفروض والعبادات والنوافل نطلب من الله أن يقربنا من بعض وهل هذا سينجح أم لا، وإذا أصرت على الابتعاد والانفصال عني فهل علي أن أعطيها المصحف الذي اتفقنا عليه وأقول لها أنت طالق كي تصبح حرة نفسها؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
فالزواج المذكور باطل لعدم توفر الشروط الشرعية من الولي والشاهدين، ولكن يلزم فيه المهر بالدخول، وعليه فيجب عليك دفع المصحف (مؤخر الصداق) ما لم تتنازل المرأة عنه، وما حصل لم يكن زواجاً شرعياً، بل هو سفاح فيجب التوبة منه وقطع العلاقة بهذه المرأة، ولا بأس بدعاء الله عز وجل في أن يجعلها من نصيبك، ولا يشرع لك الاستخارة على البقاء معها على هذا الحال لأن الاستخارة لا تكون في محرم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالزواج المذكور باطل لعدم توفر الشروط الشرعية من الولي والشاهدين ونحوهما، وقد سبق بيان شروط صحة النكاح في الفتوى رقم: 7704، هذا جواب الجزء الاول من السؤال ويترتب عليه جواب الجزء الرابع، فحيث حكمنا ببطلان الزواج، فلا يجوز الاستمرار في تلك العلاقة، ولكن يلزمه المهر بالدخول بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من ولا ولي له. أخرجه الأربعة إلا النسائي.
قال في الإنصاف من كتب الحنابلة: (وإن دخل) بها في النكاح الفاسد (أو خلا بها) فيه (استقر المسمى) لأن في بعض ألفاظ حديث عائشة (ولها الذي أعطاها بما أصاب منها) رواه أبو بكر البرقاني وأبو محمد الخلال بإسنادهما والخلوة كالوطء، ولأن النكاح مع فساده ينعقد ويترتب عليه أكثر أحكام الصحيح من وقوع الطلاق ولزوم عدة الوفاة بعد الموت ونحو ذلك فلذلك لزم المسمى فيه كالصحيح.
وقال في موضع آخر: الثالث (نكاح المتعة).. (وإن دخل بها) أي بمن نكحها نكاح متعة (فعليه مهر المثل وإن كان فيه مسمى) قال أبو إسحاق بن شاقلا: إن الأئمة بعد الفسخ جعلوها في حيز السفاح لا في النكاح. انتهى.
لكن ذكر المصنف كغيره من الأصحاب أواخر الصداق أن النكاح الفاسد يجب فيه بالدخول المسمى كالصحيح، ولم يفرقوا بين نكاح المتعة وغيره... (ومثله) أي مثل نكاح المتعة فيما ذكر (إذا تزوجها بغير ولي ولا شهود واعتقده نكاحاً جائزاً) قلت: أو لم يعتقدوه كذلك (فإن الوطء فيه وطء شبهة يلحقه الولد فيه) لشبهة العقد (ويستحقان العقوبة) أي التعزير (على مثل هذا العقد) لتعاطيهما عقداً فاسداً. انتهى.
فهذا المقطع من كلام صاحب الإنصاف ذكر فيه رجحان أن زواج المتعة والمتفق على بطلانه يلزم فيه المهر المسمى ثم شبه عليه -فيما يظهر- النكاح بلا ولي ولا شهود، وهذه مسألتنا.
وعليه فيجب عليك دفع هذا المصحف الذي كان مسمى في المهر ما لم تتنازل المرأة عنه، وتراجع الفتوى رقم: 102383.
واعلم أن ما حصل لم يكن زواجاً شرعياً، بل هو سفاح والعياذ بالله فيجب عليك التوبة إلى الله عز وجل وقطع العلاقة بهذه المرأة، وإذا كنت راغباً في الارتباط بها بالزواج الشرعي فعليك بطلبها من وليها، ولا بأس بدعاء الله عز وجل في أن يجعلها من نصيبك، وانظر الفتوى رقم: 36319..
وأما خارج نطاق الزواج الشرعي فلا يجوز لك البقاء على علاقة بها، ولا يشرع لك الاستخارة في ذلك، لأن الاستخارة لا تكون في محرم، وانظر بيان ذلك في الفتوى رقم: 28401.
والله أعلم.