السؤال
أنا امرأة مطلقة ولي بنت أسكن بمنزل و طليقي يدفع لي الإيجار.رغبت في شراء منزل عن طريق قرض بنكي لأني لا أريد أن يحصل لي من متاعب في كل مرة كما حصل لي عند انتقالي إلى منزلي هذا من بحث و تقليب و تعاملي مع رجال غرباء و دخولهم إلى بيتي كالسباك والنجار إلخ خصوصا أنه ليس لي محارم يقفون بجانبي فأبي مريض وأخي غائب في عمله، وكنت قد استمعت إلى عديد الفتاوى التي تبيح شراء بيت بقرض بنكي عند عدم وجود منزل آخر وأن لا يكون معدا للإيجار أو للاصطياف. فتعاقدت مع أحد الباعثين العقاريين, بعد استخارة الله تعالى, وأعطيته مبلغا ماليا ما يقرب على % 10من ثمن البيت في انتظار أن يجهز البيت السنة القادمة أكون قد اقترضت الباقي. وكانت أمي فرحة كثيرا و تنتظر انتهاء الأشغال خصوصا أنها هي من أعطتني المبلغ المدفوع، لكني أخيرا قرأت على موقعكم أن الإيجار لا يعتبر ضرورة فصعقت للأمر ولا أعرف ماذا أفعل الآن.. فكرت في فسخ العقد و بالتالي خسارتي للمبلغ لأني لا أريد أن أدخل في حرب مع الله ورسوله. وعندما أخبرت أمي بقراري قالت لي بأنه ستكون نهايتها. والآن لا أعرف ما ذا أعمل. .. دلوني فأنا متعبة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت أحسن الله إليك حين قلت إنك لا تريدين الدخول مع الله ورسوله في حرب أعلنها سبحانه وتعالى على المرابين حين قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله {البقرة:278-279}
فالربا أحد الموبقات السبع التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم باجتنابها في قوله : اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن، قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات .. رواه البخاري ومسلم .
وبناء على ذلك لم يبحه العلماء إلا في حالات الاضطرار كالخوف على النفس من الهلاك أو لحصول مشقة كبيرة لا تحتمل.
وبما أن لديك وسيلة سكن بالإيجار فإنه لا يحل لك الاقتراض بالربا من أجل بناء سكن، ولتعويض ما بقي من ثمن البيت يمكن أن تبحثي عن طرق مقبولة شرعا للحصول على النقود كالسلم أو التورق المباح أو بيع المرابحة للآمر بالشراء أو القرض الحسن .
ولبيان هذه العقود تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2819، 11368، 5706، 1608 ، 10189 .
واعلمي أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه فقد قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ* وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2،3}.
وعليك أن توضحي لأمك أنك ما توقفت عن هذا القرض إلا لأن الله قد حرمه، وأنه لا يحل لك طاعتها في معصية الله لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15}.
وفي حال ما إذا كنت أخذت القرض بالفعل فعليك التوبة إلى الله وقضاء ما اقترضته دون زيادة إلا إذا أكرهت على تسديد الزيادة فإنك حينئذ تكونين معذورة، فقد قال تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:279}
والله أعلم .