السؤال
زوجة متحجبة سمحت لمحضونها اليتيم وهي غير محرمة له وعمره 16 سنة الإقامة في منزلها, حيث تقيم هي وزوجها وبدون موافقة الزوج. فهي غير محجوبة عن اليتيم وهما في خلوة إلى حين عودة الزوج من عمله في ساعة متأخرة من الليل. فما المطلوب من الزوج عمله معها؟ وما حكم الشرع عليه إذا لم يعمل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
لقد رغّب الإسلام في كفالة اليتيم، ووعد عليها بالأجر الكبير والفضل العظيم، فعَنْ سَهْلٍ بن سعد قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أنا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. رواه البخاري والترمذي.
فحرص هذه المرأة على كفالة اليتيم ورعايته وضمه إلى بيتها هو من الأمور المحمودة إذا كان ذلك بإذن زوجها، أما إذا كان بغير إذنه فلا يجوز، لأنه لا يجوز لها أن تأذن لأحد في بيته بغير إذنه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ. رواه البخاري ومسلم.
والغلام متى بلغ السن المذكور فلا يعد يتيما لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتم بعد احتلام.. رواه أبو داود عن علي رضي الله عنه.
ولا يجوز لهذه المرأة أن تخلو مع هذا الغلام، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ. رواه البخاري ومسلم.
فيجب على الزوج أن يمنع هذه الخلوة المحرمة، وذلك بنقل هذا الغلام إلى بيت أحد أقاربه بحيث يقيم مع محرم له إن أمكن، أو يوفر له إقامة في أي مكان يأمن عليه فيه من ضياع دينه أو دنياه.
أما إن كان نقل هذا الغلام من هذا البيت يعني ضياع هذا الغلام، فإنه من الممكن الأخذ بقول بعض أهل العلم بجواز رضاع الكبير في مثل هذه الحالات فقط، عملاً بحديث عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ حَلِيفُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضِعِيهِ قَالَتْ وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ. رواه مسلم.
قال ابن تيمية: وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخَذَتْ بِهِ عَائِشَةُ وَأَبَى غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذْنَ بِهِ ؛ مَعَ أَنَّ عَائِشَةَ رَوَتْ عَنْهُ قَالَ: " الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ " لَكِنَّهَا رَأَتْ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ رَضَاعَةً أَوْ تَغْذِيَةً. فَمَتَى كَانَ الْمَقْصُودُ الثَّانِي لَمْ يُحَرِّمْ إلَّا مَا كَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ. وَهَذَا هُوَ إرْضَاعُ عَامَّةِ النَّاسِ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَجُوزُ إنْ اُحْتِيجَ إلَى جَعْلِهِ ذَا مَحْرَمٍ. وَقَدْ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ مَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهَا. وَهَذَا قَوْلٌ مُتَوَجِّهٌ. (مجموع الفتاوى - (ج 34 / ص 60)
وفي هذه الحالة من الممكن أن ترضعه المرأة خمس رضعات، فتصبح أمه من الرضاعة أو ترضعه أختها، فتصبح خالته من الرضاعة، والرضاعة في هذه الحالة تكون بصب لبن المرأة في كوب أو غيره ليشربه الغلام.
والله أعلم.