السؤال
هل يجوز اتباع المثل "مثلما تُعامِل تُعامَل" أنا بفطرتي إنسانه طيبة، تحب الناس ومساعدتهم، لكني أجد نفسي في كثير من الأحيان مستغلة، لا يلجأ إلي أحد إلا إذا كان يريد مني المساعدة، فهل يجوز رفض المساعدة، بالإضافة إلى أنني أجد أن بعض الناس يخفون عني بعض المعلومات بما يتعلق بالعائلة، بالدراسة وغيرها، فهل يجوز لي عدم إخبارهم عن ما أعرف فيما إذا سألوني؟ ولكم مني جزيل الشكر والعرفان.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه تجوز معاملة الناس بالمثل، ولكن الأولى هو الصبر والصفح ومجازاة المسيء بالإحسان، وذلك لقوله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.... {الشورى:40}، ولقوله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35}، وفي الحديث: صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك. رواه أحمد وصححه الألباني.
فالإحسان إلى الناس ومساعدتهم ونفعهم أمر عظيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر عن معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
فننصح الأخت السائلة بأن تظل على ما هي عليه من مساعدة الناس، ولا تنتظر من أحد شيئا، وأن تحتسب ذلك عند الله، وأن تحسن إليهم وإن لم يحسنوا هم، فقد ثبت عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس. رواه أحمد والطبراني وقال الهيثمي إسناده جيد، وقال الألباني حسن صحيح. وفي صحيح مسلم أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة، أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. وتراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75950، 53422، 74207، 76374.
والله أعلم.