السؤال
لقد دعى حفيد الشيخ البنا رحمه الله إلى وقف تطبيق الحدود لوقت مؤقت ولمناقشة هذا الموضوع بين العلماء لأن تلك الحدود تقام بطريقة غير عادلة في بعض الدول الإسلامية وسؤالي هو ما إجابتكم على هذا وهل فقط الدعوة إلى وقف الحدود تخرج الشخص من الملة؟
لقد دعى حفيد الشيخ البنا رحمه الله إلى وقف تطبيق الحدود لوقت مؤقت ولمناقشة هذا الموضوع بين العلماء لأن تلك الحدود تقام بطريقة غير عادلة في بعض الدول الإسلامية وسؤالي هو ما إجابتكم على هذا وهل فقط الدعوة إلى وقف الحدود تخرج الشخص من الملة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من يرفض تطبيق الحدود الشرعية أو يدعو إلى وقف تطبيقها؛ طعنا فيها واتهاما لها، فهو كافر خارج من الملة بلا شك ولا خلاف. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5824.
وأما من يقبلها ويلتزمها ولكنه يدعو إلى وقفها بزعم أنها تطبق بطريقة غير شرعية أو غير عادلة، فهذا إنما يتهم طريقة تطبيقها والقائمين عليها، ولا يتهمها هي ذاتها، فهو وإن كان مخطئا إلا إنه لا يصل إلى مرتبة الكفر المخرج من الملة. وكان الأولى بهؤلاء أن يبينوا الخلل في كيفية التطبيق ويبينوا طريقة علاجه.
ثم ينبغي الحذر والتحذير ممن يدندن حول التبرير لعدم تطبيق الحدود الشرعية أو يسعى لتقويضها، فإن هذا من سيما أهل النفاق والشقاق، قال تعالى: وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ {النور: 47-52}.
وقال سبحانه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا * وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء: 60-65}.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني