السؤال
إذا كان الإنسان قد انقطع عن الصلاة مدة من الزمن أو لم يكن يصلي وقد عاد إلى ربه وأصبح يواظب على الصلاة فما حكم الفوائت؟ وهل يمكن قضاؤها؟ وإذا كان المرء خائفا من الموت ويريد قضاءها بسرعة فكيف ذلك. وإذا كانت صلاة المسجد تعادل 25 صلاة فهل هذا يعني أن صلاة المسجد تقضي 25 صلاة متروكة. وأستحلفكم بالله أن تدعو لي بالتوفيق ولي ولوالدتي بالشفاء، والهدى لنا أجمعين؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسألُ الله التوفيق لنا ولك، والشفاء العاجل لأمك، واعلم قبل الجواب على سؤالك أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بخمسٍ وعشرين درجة، ومعناه أن المصلي لو صلى هذه الصلاة بعينها منفرداً حصل له جزءٌ من خمسةٍ وعشرين، فإذا صلاها في جماعة حصّل الخمسة والعشرين جزءا، وليس معناه كما فهمت أن صلاة الجماعة تكفي عن خمسةٍ وعشرين صلاةٍ سابقة، وأما بالنسبة للصلاة المتروكة عمداً فقد اختلف أهلُ العلم في حكم قضائها هل يجبُ أو لا؟ بعد اتفاقهم على أن تاركها آثمٌ إثماً عظيماً لا بُدَّ له من التوبة النصوح، وهذه المسألة من المضايق كما قال الشوكاني رحمه الله، ومذهبُ الجمهور ومنهم الأئمةُ الأربعة هو وجوبِ قضائها ومن حُجتهم عموم قوله صلى الله عليه وسلم: فدينُ الله أحقُ أن يقضى. متفق عليه.
قالوا والصلاةُ دينٌ فلا تبرأ الذمة إلا بقضائه، واستدلوا كذلك بقياس الأولى على قضاء النائم والناسي، قالوا: فإذا كانا يقضيان مع ثبوت العذر، فالعامدُ غير المعذور أولى أن يلزمه القضاء، وذهبَ جماعةٌ من السلف وأهل الظاهر واختاره شيخ الإسلام ابنُ تيمية وجمعٌ من مجتهدي العصر إلى أنه لا يلزمه قضاؤها بل لا يُشرع له ولا يمكنه تدارك الصلاة إذا فات وقتها أصلا، واستدلوا بقوله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا{النساء:103 }.
قالوا فكما لا يصحُ فعلها قبل الوقت ولا تكون مقبولة فلا يصحُ كذلك فعلها بعد الوقت، وكالحج لا يصحُ في المحرم، قالوا والقضاءُ لا يجبُ إلا بأمرٍ جديد لقولِ عائشة رضي الله عنها: فنؤمرُ بقضاءِ الصوم ولا نؤمرُ بقضاء الصلاة. متفق عليه، وقد ورد الأمرُ في حق النائم والناسي فبقي العامدُ على الأصل وهو عدم لزوم القضاء حتى يأتيَ خلافه، واستدلوا كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: من أحدثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفقٌ عليه .
قالوا والصلاة بعد الوقت ليست من أمره صلى الله عليه وسلم فتكونُ ردا، وقد أطال ابن القيم النفسَ جدا في سوق أدلة الطائفتين ورجح القول بعدم القضاء في كتاب الصلاة فراجعه إن شئت.
إذا علمت هذا فاعلم أن المفتى به عندنا هو لزوم القضاء، وعليه فالذي يلزم هذا الشخص هو أن يحسب ما فاته من صلوات ثمَّ يقضيها حتى يغلب علي ظنه أنه أبرأ ذمته ، وذلك حسب الطاقة، ولا يضره إن مات أثناء القضاء إذا علم الله منه الصدق في التوبة، وعلى رأي شيخ الإسلام فإن الذي يلزمه هو التوبةُ النصوح والإكثارُ من الاستغفار، والإكثارُ من النوافل ليجبرَ بذلك نقص الفرائض.
والله أعلم.