السؤال
هل قضاء الصلوات السابقة لا بد أن يكون في نفس أوقاتها يعني الظهر في وقت الظهر والعصر في وقت العصر وهكذا ؟
هل قضاء الصلوات السابقة لا بد أن يكون في نفس أوقاتها يعني الظهر في وقت الظهر والعصر في وقت العصر وهكذا ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب جمهور أهل العلم أنه يجب قضاء الصلاة الفائتة عند ذكرها فوراً ، ولا يجوز تأخيرها إلا لحاجة المصلي أو لمصلحة الصلاة ، واستدلوا بالأمر الوارد في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها ، لا كفارة لها إلا ذلك ، وتلا قوله تعالى: (وأقم الصلاة لذكري)" وفي رواية لمسلم: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" قالوا: فأمره بأدائها عند ذكرها ، دليل على أنه لا يجوز تأخيرها.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز التأخير ، إذا كان إخراجها عن وقتها لعذر، أما إن كان أخرها حتى خرج وقتها لغير عذر وجب القضاء على الفور وحملوا الأمر في هذا الحديث على الاستحباب ، مستدلين بما في الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: "احفظوا علينا صلاتنا" فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره ، قال: فقمنا فزعين، ثم قال: "اركبوا" فركبنا فسرنا ، حتى إذا ارتفعت الشمس نزل فدعا بميضأة كانت معي فيها شيء من ماء ، قال: فتوضأ منها … ثم أذن بلال بالصلاة فصلى ركعتين.. ) قالوا: ولو كان القضاء واجباً على الفور لما أخره النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الجمهور: ليس معنى الفورية عندنا عدم التأخير قليلاً لبعض الأغراض التي تكمل الصلاة وتزكيها ، فإن هذا التأخير من النبي صلى الله عليه وسلم لمصلحة الصلاة لتؤدى بوجه أفضل في مكان أفضل. ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان" فلا يصلح إذن لأداء الصلاة.
وذهب بعض المجيزين لتأخير القضاء إلى استحبابه في وقت مثيلتها من الغد ، واستدلوا بما رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: "فإذا كان من الغد فليصلها عند وقتها" وبما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحاً فليقض معها مثلها" قال الحافظ في الفتح: قال الخطابي: "لا أعلم أحداً قال بظاهره وجوباً. قال: ويشبه أن يكون الأمر فيه للاستحباب ليحوز فضيلة الوقت في القضاء.
والصحيح أنه لا يجوز تأخير القضاء مطلقاً -كما سبق- فضلاً عن أنه يستحب ، ورواية مسلم التي استدلوا بها قد بين معناها النووي في شرحه على صحيح مسلم فقال رحمه الله: (معناه أنه إذا فاتته صلاة فقضاها لا يتغير وقتها ويتحول في المستقبل ، بل يبقى كما كان ، فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد ، ويتحول وقتها الذي قضيت فيه إلى وقتها الأصلي ، وليس معناه أنه يقضي الفائتة مرتين مرة في الحال ومرة في الغد ، إنما معناه ما قدمنا ، فهذا هو الصواب في معنى هذا الحديث ، وقد اضطربت أقوال العلماء فيه ، واختار المحققون ما ذكرته. والله أعلم.)
وأما رواية أبي داود فقد حكم البيهقي على راويها بالوهم ، وقال الحافظ ابن حجر عنها: (بل عدوا الحديث غلطاً من راويه ، وحكى ذلك الترمذي وغيره عن البخاري)
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني