السؤال
الحمد لله على نعمة الإسلام. أبي شيخ قد زار البيت الحرام معتمرا. لكن ما فتئ يعود للسجائر وللخمر ومعاشرة النساء. ثم تزوج ثالثة من فتاة صغيرة مطلقة وذات خلق سيئ للغاية. وقد هربت من بيت الزوجية حاولت مرارا أن أصلح ذات البين لكن أبي عصبي وعنادي. لقد فرق بين أبنائه ال15 فكل عائلة أصبحت لا تطيق الأخرى. لقد أهملنا ولكنه أبي. لكن هذه المرة اتهم أمي بالسحر والعمل على إخراج زوجته الثالثة مع العلم أنها تزوجت ثلاثا من قبل وطلقت لسوء خلقها.لقد ناقشته بالمنطق لإقناعه وقد نقص شكه لكنه لم يعد لبيتنا وفضل السكن وحده .أصدقاؤه كنافخي الكير. ماذا أفعل معه دعوت الله له بالهداية، لكني في بعض الأحيان أضطر للقسوة عليه، فأمي وإخوتي الأشقاء ال9 في كفة وهو في الكفة الأخرى، ماذا أفعل إنه يقسو علينا وبتمييزه زرع الفرقة بين ال9 وال6 من الثانية لا يسمع نصيحة أحد حتى أن أحد أصدقائه من الدجالين... سؤالي ماذا يجب علي القيام به إن لم تعد الأمور لنصابها، هل مع أمي وإخوتي أم مع أبي الذي تركنا دون أكل لا ماء ولا..... كل شيء على عاتقي وأنا لا أزال في بداية الطريق في 30 ولم أتزوج ولم أكون نفسي. لقد أهملنا كلية ذهبت إليه أناشده العودة للبيت لكنه أبى، أعلم أن صدمة فرار زوجته كبيرة لشيخ في 64 من عمره. لكنه يصر على معاودة الكرة، ما العمل مع زوج لم يعدل بين زوجاته ويطالبني أحيانا بالنقود. من فضلكم دلوني على طريقة أصلح بها أبي حتى أني اشتريت له شرائط لخطب أئمة وشرائط قرآن لكنه يفضل الغناء عليها... أرجو توجيهكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد وقع أبوك في جملة من الكبائر والمنكرات منها وأعظمها شرب الخمر وعلاقاته بالنساء الأجنبيات، وحرمة هذين الفعلين أظهر وأوضح من أن يستدل عليها فهي من المعلوم من الدين بالضرورة ولا يسع المسلم جهلها بحال.
ومنها التفريق بين الأولاد وهذ الفعل حرام،لأن الشريعة أوجبت على الآباء التسوية بين الأبناء في الهبات والرعاية والتربية، لأن ذلك أدعى إلى بر الأبناء بآبائهم، وأرفع للشحناء والبغضاء بينهم، جاء في حديث النعمان بن بشير قال: تصدق عليَّ أبي ببعض ماله، فقالت أمي: عمرة لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ قال: لا. قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وفي لفظ لمسلم: ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن.
وفي قوله: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ تعليل واضح من النبي صلى الله عليه وسلم لوجوب العدل والمساواة بين الأولاد.
وعليه، فإن ما يقوم به هذا الأب من التمييز بين أبنائه حرام ومنهي عنه شرعاً، ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى منه.
وأما اتهامه لأمك بعمل السحر له فحرام أيضا ؛ لأنه لا يجوز اتهام الآخرين بعمل السحر إلا بإقرار منهم أو ببينة تشهد بذلك، أما اتهامهم بمجرد الظن فلا يجوز، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، ويعظم الإثم إذا تسبب ذلك الاتهام في قطع العلاقات العائلية وقطيعة الرحم.
ومنها مصاحبة الفجار وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، روى أبو داود وأحمد وغيرهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي. حسنه الألباني.
والواجب عليك – أيها السائل - تجاه أبيك أن تذكره بالله وعظيم بطشه وأليم عقابه، وأن تحبب إليه التوبة, ولا ما نع من أن تستعين على ذلك ببعض أهل الخير والعلم في بلدتكم كإمام المسجد وغيره، بحيث يحاولون إصلاحه وكفه عن أفعاله، واحرص في ذلك كله على أن يكون كلامك معه باللطف واللين والرحمة، وأن يرى منك تجاهه كمال الشفقة والرأفة والبر به، فهذا إن شاء الله أدعى لاستجابته.
ونذكرك أنه مهما بدر من أبيك من ظلم في حقك أو حق إخوتك أو أمك أو حتى ظلم لنفسه بالمعاصي والذنوب فإنه لا يحل لك هجره أو مقاطعته بل له عليك المصاحبة بالمعروف ما دام حيا.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38470، 19505، 6242.
والله أعلم.