السؤال
إلى شيخنا الكريم/ حفظه الله.
نحن أربعة إخوه و خمس أخوات لوالدين على قيد الحياة و لله الحمد و الشكر. طلب منا والدنا منذ عدة سنوات عمل وكالة شرعية للأولاد للتصرف المطلق بأمواله و إدارتها حسب ما نراه مناسبا نظرا لحالته الصحية و بداية أعراض مرض الزهايمر الذي تؤدي تدريجيا إلى فقدان الذاكرة. الأخ الأكبر رفض التوقيع والاشتراك بهذه الوكالة لأسباب لايدري بها إلا الله. فقام بقية الإخوة بالتوقيع عليها مع والدنا و تصديقها شرعيا لدى كاتب العدل. و كما هو متوقع بدأت مراحل المرض بالظهور على والدنا بفقدان الذاكرة بالإضافه إلى جلطة دماغية حصلت له منذ سنة و نصف. قمنا بإدارة أملاك والدنا حسب مانراه مناسبا وفيه مرضاة الله . للوالد شراكة قديمة مع إخوته وأبناء عمومته في شركة يعمل بها أخونا الأكبر منذ أكثر من عشرين سنة. قررنا نحن الموكلين من قبل والدنا و بعد مراجعة والدتنا و أخواتنا بيع حصة والدنا بهذه الشركة لما جلبت لنا من مشاكل و تنافر في العائلة بسبب سوء إدارة الشركة علما بأن الوالد طول الله عمره لم يكن راضيا إطلاقا على تصرفات المدراء الرئيسين من اتجاههم إلى مشاريع خاسرة غير مدروسة ذات مخاطرة عالية. أخونا الأكبر رفض هذا الاتجاه رفضا شديدا غير معلل. وبدأ مؤخرا بالتهديد والسب والتنكيل والدعاء علينا ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) و بعمل ما لا يحمد عقباه في حال أتممنا هذا الاتفاق بالبيع و أنه سيكون لنا بالمرصاد. هل من حقه شرعا منعنا من التصرف ببيع حصة والدنا بالشركة أو أن يكون له طرق شرعيه تمنعنا من البيع مع العلم بأن الأموال المتوقع الحصول عليها سيتم استثمارها باسم والدنا في استثمارات إسلامية مناسبة؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان ما أصاب والدكم يخرجه عن كونه أهلاً للتصرف، فالوكالة التي صدرت منه تبطل بذلك، قال ابن قدامة في المغني: الوكالة عقد جائز من الطرفين، فللموكل عزل وكيله متى شاء، وللوكيل عزل نفسه؛ لأنه إذن في التصرف، فكان لكل واحد منهما إبطاله.... وتبطل أيضا بموت أحدهما، أيهما كان، وجنونه المطبق. ولا خلاف في هذا كله فيما نعلم. فمتى تصرف الوكيل بعد فسخ الموكل، أو موته، فهو باطل إذا علم ذلك.... ومتى خرج أحدهما عن كونه من أهل التصرف، مثل أن يجن، أو يحجر عليه لسفه، فحكمه حكم الموت؛ لأنه لا يملك التصرف، فلا يملكه غيره من جهته. اهـ.
وقد نص جماعة من الفقهاء على مشروعية الحجر على من كبرت سنه وتغير عقله، لأنه لا يحسن التدبير وتصريف المال، وزوال العقل يقتضي الحجر على صاحبه مع بقاء ملكه، وإنما يمنع من التصرف في أمواله حتى يفيق، وإذا حجر على المغلوب على عقله فلا بد من تنصيب قيم على أمواله، ويلزم هذا القيم حفظ مال المحجور عليه من التلف والضياع ونحو ذلك، كما يلزمه تنميتها وقيل يستحب له، وينفق من ماله بالمعروف على من تجب نفقته عليه، كما تؤدى زكاة أمواله.
وننبه على أن الحجر وما يترتب عليه من وكالة أو وصاية أمر خطير لا بد من إحالته على المحاكم الشرعية، لتحقق في أسبابه، وتنظر فيمن يصلح للولاية على مال المحجور عليه، فلا يكتفى فيه بمجرد فتوى، بل المحاكم الشرعية هي التي تفصل في مثل هذه النزاعات، ولا يجوز أن يحجر على شخص ويولى غيره على ماله إلا بحكم قضائي.
وننصحكم بالمحافظة على بر والدكم وعلى صلة الرحم فيما بينكم، وأن لا تجعلوا هذه الأموال سبباً للمقاطعة ولا الخصام.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 18335، 30474، 44680، 54950، 60620، 98329.
والله أعلم.