السؤال
طلب مني شخص أن أسأل له عن هذه المسألة:
تشاجر والده وأمه حول موضوع الصلاة حيث إن الأب يتهاون كثيرا في هذا الأمر ولم يصل ذلك اليوم أي صلاة بدون عذر شرعي و خصوصا أنه في تقاعد وهذه ليست أول مرة وعندما دخل في المساء ذهب وتوضأ وقال إنه لم يصل أي صلاة منذ متى نهضت الأم و قالت له كيف يعقل أنك لم تصل أي صلاة و خصوصا أن لديك كل الوقت وذهبت كعادتك إلى المقاهي و نسيت الصلاة ثم غضب الأب هو أيضا ورد عليها قائلا الصلاة بيني و بين الله وليس لديك الحق أن تتدخلي في هذا الأمر و إن كنت تريدين النصح فانصحي نفسك أما أنا إن أردت أن لا أصلي لن أصلي فهذا الأمر يتعلق بي ثم قال لها إن كان هذا الأمر هو الذي سيفرقنا فليفرقنا وهنا غضب الابن بسماع هدا القول و طالب أمه و أباه بالسكوت وأن يرجعا إلى صوابهما وأن يعرفا ماذا يقولانه وقالها بصوت عال لأنه كان غاضبا من قول أبيه و من ثم بالفعل سكت الأب والأم و هذا الابن طلب مني أن أسألكم إن كان ما قاله أبوه لأمه من كنايات الطلاق وخصوصا أن أباه كان غاضبا جدا حتى كانت يداه كأنهما ترتعشان وصوته كذلك وهل الابن ارتكب عقوقا للوالدين في هذه المسألة و ما الفعل اتجاه هذا الأب الذي يتهاون كثيرا في أمر الصلاة ولا يصلي صلاة الجمعة ولا يذهب إلى صلاة الجماعة ويقول بأن بعض العلماء أو ما يسميهم بالأولياء يمكنهم أن يتكلموا مع آبائهم الذين ماتوا وأن اسم بلقيس في القرءآن هو: الا تعلو. في سورة الأعلى وخصوصا أن اسم بلقيس لم يذكر في القرآن و يقول أن السماء السبع هي المكان الذي تستقر فيه الشمس وأن الأرض يحملها ثور بقرنه و يقول أن هدا موجود في الأحاديث وابنه قام بالشرح له أن كل هذا ليس إلا خرافات وقام بالحوار معه لكن بدون جدوى ولا يدع ابنه يشرح له حتى.
من فضلكم كيف يمكن لهدا الابن أن يخرج أباه من هذا الجهل الذي هو فيه وما هي الحيلة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا القول المذكور يعتبر من كنايات الطلاق فإذا قصد صاحبه به إيقاع الطلاق وقع وإلا فلا, إلا إذا كان الأب قد وصل لحالة من الغضب لا يستطيع معها التمييز حينئذ لا يقع الطلاق ولو قصده.
أما بخصوص رفع الابن صوته على والديه فإنه لا يجوز, وهو يتنافى مع ما أمر الله به من برهما وتوقيرهما, ولكن لا يكون هذا الفعل بمجرده عقوقا, بمعنى إذا كان هذا الابن سيرته دائما مع والديه هي البر والتوقير فلا يعد هذا الفعل منه عقوقا بل يرجى أن يتجاوز الله عنه, وأن يغفره له إذا تاب منه لقوله سبحانه: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا. {الإسراء:25}.
قال القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: وقال ابن جبير: يريد البادرة التى تبدر، كالفلتة والزلة، تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما، لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة. وقوله: فإنه كان للاوابين غفورا. وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة. انتهى.
أما إذا كان الابن دائم الإساءة لوالديه فإن هذا الفعل يكون عقوقا من جملة العقوق وإساءة كسائر الإساءات, وعلى كل حال فعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه من فعله هذا.
أما واجب الابن تجاه ما يفعله أبوه من معاص كالتقصير في الصلوات, وما يعتقده من خرافات فهو النصيحة بأسلوب لين حكيم دون عنف ولا تقريع بل برفق وتودد وحسن خطاب, والسعي المتواصل من أجل صرفه عن هذه المعاصي والخرافات الذميمة، ويمكنه أن يستعين عليه بأهل العلم والخير الذين هم موضع ثقة أبيه, وأن ينقل له فتاوى العلماء الذين يعتد بهم أبوه, ويرجع إلى أقوالهم.
فإذا أصر الأب على حاله، فيلزم الابن الإحسان إليه، ومصاحبته بالمعروف, وطاعته إلا في المعصية، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
قال سبحانه: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون {لقمان: 15}.
وللفائدة تراجع هاتان الفتويان: 30621، 107035.
والله أعلم.