السؤال
هل الوكيل مطالب بالكتابة وإشهاد الشهود على كل مبلغ يقوم بدفعه للورثة من إخوانه وأخواته؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يظهر من كلام أهل العلم أن الوكيل لا يلزمه الإشهاد عند دفع ما وكل في قبضه إلى موكله لأنهم نصوا على أنه لو أنكر الموكل القبض فالقول قول الوكيل مع يمينه، ولو كان الإشهاد واجبا عليه لضمن لتفريطه فيه، وقد نص الفقهاء أيضا على أن الوكيل أمين ويده يد أمانة وأنه يقبل قوله في تسليم المال إلى موكله، فإن أنكر موكله التسليم فالقول قول الوكيل مع يمينه.
جاء في حاشية ابن عابدين: وإذا ادعى الوكيل إيصال ما قبضه لموكله إما أن يكون دعواه في حياة موكله أو بعد موته وفي كل منهما يقبل قول الوكيل بيمينه لبراءة ذمته... انتهى.
ومثله عند الشافعية فقد نصوا -كما في تحفة المحتاج- على أنه: لو ادعى الوكيل دفع ما قبضه إليه صدق الوكيل بيمينه. وكذا عند الحنابلة أيضا إذا كانت الوكالة بغير مقابل، وأما إذا كانت بمقابل وادعى الوكيل الرد وأنكرالموكل فلهم قولان، أحدهما: القول قول الوكيل، والثاني: قول الموكل، وفي هذه الحال إذا أشهد الوكيل في الرد إلى الموكل برئت ذمته.
وجاء في الموسوعة الفقهية: كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله بيمينه، كالمودع إذا ادعى الرد والوكيل والناظر، وسواء كان ذلك في حياة مستحقها أو بعد موته، إلا في الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه قبضه ودفعه له في حياته لم يقبل قوله إلا ببينة.. انتهى.
وذكر بعض الفقهاء أن الوكيل إذا قبض المال بإشهاد لم تبرأ ذمته عند أدائه إلا بالإشهاد، قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا {النساء:6}، قال: كل مال قبض على وجه الأمانة بإشهاد لا يبرأ منه إلا بالإشهاد على دفعه؛ لقوله تعالى:فأشهدوا. فإذا دفع إليه بغير إشهاد فلا يحتاج في دفعها لإشهاد إن كان قبضها بغير إشهاد.. انتهى.
والذي نراه أنه لا يلزم الوكيل الإشهاد عند دفع المال إلى موكله لأنه أمين ائتمنه موكله فلا يقبل قول الموكل إذا خونه بعد ذلك، ولو أن الوكيل أشهد لكان أبرأ لذمته ولما احتاج إلى اليمين إذا خونه موكله.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني