السؤال
جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً وجعل أعمالكم خالصة لوجهه الكريم.. فأرجو إفادتي حيث إني أعمل فى مجال الأمن بإحدى المؤسسات العالمية في مصر وكما تعلمون فإن اللحية تحارب في مصر بدعوى الإرهاب وخصوصا في المؤسسات الأمنية، وقد وفقني سبحانه وتعالى إلى إعفاء اللحية، وأنا الآن أتعرض لتهديدات بالخصم من راتبي وبنقلي إلى مكان يبعد عن بلدتي بحوالي 250 كيلو مترا، فهل من الجائز حلق اللحية لفترة محدودة ربما شهرين أو ثلاثه لحين استقرار الأحوال في العمل، الرجاء من سيادتكم الإفادة؟ وجزاكم الله عنا خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل حرمة حلق اللحية، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 2711، وكذلك سبق بيان بعض فوائد إطلاقها في الفتوى رقم: 19539.
وقد يعرض للإنسان ما يتغير معه الحكم وتحصل به الرخصة، كالخوف على النفس أو الأهل من القتل أو الحبس أو التشريد، أو الأذى الذي لا يطيقه الإنسان كالفصل من العمل الذي لا يجد غيره، فإذا وصل الأمر إلى هذا الحد جاز الأخذ بالرخصة وإن كان الصبر على الأذى وتحمله أفضل، أما إذا كان الأذى اللاحق بذلك خفيفاً يمكن تحمله، فلا نرى عند ذلك جواز حلق اللحية، لأن الالتزام بالدين في الغالب مظنة حصول الأذى، لا سيما في هذا الزمان، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 25794.
والضرر الذي ذكره السائل الكريم بالخصم من الراتب أو النقل إلى مكان أبعد، الظاهر أنه قدر يسير يمكن تحمله، فقد ذكر ابن قدامة وابن مفلح أن شرط الإكراه ثلاثة أمور: أحدها: أن يكون من قادر. الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه. الثالث: أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً، كالقتل والضرب الشديد والقيد والحبس الطويل، فأما الشتم والسب فليس بإكراه، وكذلك أخذ المال اليسير.
.. فإن كان كذلك فلا تحصل به الرخصة ولا يجوز لك حلق لحيتك في هذه الظروف.
وأما إن كان الخصم يأتي على معظم الراتب فلا يعود الباقي لضروريات العيش ولا سبيل غيره للإنفاق، أو كان النقل لمكان في الانتقال إليه مشقة بالغة ومضرة ظاهرة، فالحال في هاتين الصورتين يكون في حكم الفصل من العمل، ويجوز عندئذ الأخذ بالرخصة..
وعلى أية حال فينبغي للسائل الكريم أن يعلم أنه لن يترك شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه، وليتذكر قوله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا* وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:2-3-4}.
والله أعلم.