السؤال
لوكنت مظلومة ودعوت بـ: حسبنا الله ونعم الوكيل. هل هو دعاء كافي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن قول: "حسبنا الله ونعم الوكيل" عظيم النفع بالغ الأثر، لما فيه من تفويض الأمر لله، وإظهار التوكل عليه سبحانه، وقد قال ذلك إبراهيم الخليل -عليه السلام- حين ألقي في النار، وقاله محمد -صلى الله عليه وسلم- حين قالوا له: "إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم" روى كل ذلك البخاري من حديث ابن عباس.
فقول المظلوم: "حسبنا الله ونعم الوكيل" ليس من قبيل الدعاء على الظالم، ولكنه اعتصام بالله، وركون إليه، ولا شك أن الله مطلع، ولا يخفى عليه حال الظالم ولا المظلوم.
كما أنه سبحانه يجيب دعوة المظلوم كما في الحديث: يقول الرب عز وجل: "وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين. رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه عن أبي هريرة.
وقال صلى الله عليه وسلم: دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه. رواه أحمد بإسناد حسن. وقال صلى الله عليه وسلم: واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب" رواه البخاري ومسلم. إلخ هذه الأحاديث.
أما قولك: هل هو دعاء كافي؟ فالجواب: أن يقال: للمظلوم أن يكتفي بقوله: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وله أن يدعو على من ظلمه دون تعد في الدعاء، حيث لم يرد في الشرع ما يلزم المظلوم بدعاء معين يدعو به على ظالمه دون غيره، ودليل ذلك إطلاق الأحاديث (دعوة المظلوم) دون تقييدها بدعوة خاصة، وكذلك ما رواه البخاري ومسلم عن جابر بن سمرة قال: شكا أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب، فعزله واستعمل عليهم غيره... إلى أن قال: أرسل معه عمر رجلاً إلى الكوفة يسأل عنه، فلم يدع مسجداً إلا سأل عنه، ويثنون معروفاً، حتى دخل مسجداً لبني عبس، فقام رجل منهم يقال له: أسامة بن قتادة فقال: أما إذ نشدتنا، فإن سعداً لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياءً وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، فكان بعد ذلك يقول: شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد.
وأيضاً ما رواه البخاري ومسلم من قصة أروى بنت أوس، وقد ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئاً من أرضها... فقال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها، واقتلها في أرضها، قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، وبينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت.
ومع هذا فلو صبر المظلوم ولم يدع على ظالمه، واحتسب أجره عند الله، فإن الله لا يضيع أجره. قال الله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:43].
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني