السؤال
موضوع سؤالي عن المصاهرة في الإسلام وهو: نعلم أن من يريد أن يتزوج يختار من هم أقرب إليه في المستوى العلمي والاجتماعي والمادي، ولا نجد مثلا واحدا عاديا في الإمكانيات والعلم والمال يريد أن يتزوج فيذهب لكي يخطب ابنة وزير مثلا أو ابنة مدير بنك أو محافظ ولكن يذهب ويختار من هم في مثل مستواه الاجتماعي والعلمي والمادي ولكن هناك من لا يقبل بهذا الزواج بحجة أن عمله غير مناسب ولا يليق بسمعة العائلة التي منها العروس فهم لا ينظرون إلى أنه شاب متدين علي خلق وذو سمعة طيبة معه شهادة جيدة ومال ويستطيع أن يعيش زوجته في مستوى جيد ويشهد له الجميع بذلك بل ينظرون إلى مهنته التي لا تليق بهم فهل مهنة الحجام والفحام واللحام والحزاز أو النجار أو الحداد مهن وضيعة في الإسلام ولا يجوز أن نناسبهم أو نصاهرهم علي أساس أنهم يمتهنون مهنا لا تليق. بمعني آخر هناك عائلة مشهورة بكونهم فحامين أو جزارين أو حجامين أو نجارين أو حدادين ويمتهنون هذه المهن منذ سنين فهل لو تقدم أي شاب من هذه العائلات لكي يتزوج من أي عائلة أخرى الشرع يقول له لا لأن عائلته تمتهن مهنة وضيعة لا تليق.
بمعنى أنه لو كان هناك شاب متعلم وحاصل على شهادة جامعية ومتدين وذو خلق ويشهد له الجميع بأنه ذو سمعة طيبة ولكنه لم يجد فرصة عمل بشهادته ويعمل الآن لحاما أو جزارا في دكان جده أو أبيه فهل في الإسلام شيء يقول بأننا لا نصاهره لو أراد أن يتزوج من أي عائلة لأنه يعمل جرازا أو فحاما أو حجاما أو نجارا أو حدادا .
فهل الإسلام يقول لنا لا نصاهر من هم يعملون في مهن وضيعة حتى ولو كانوا أغنياء ومعهم شهادات علمية كبيرة ولكن لا يعملون بهذه الشهادات؟ وإذا كان ذلك في الإسلام فهل يمكن لأن تشرحوا لي السبب؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في شروط الكفاءة في النكاح، والراجح من أقوالهم أن الكفاءة إنما تعتبر بالخلق والدين فقط ولا اعتبار لشيء آخر وراءهما لا مال ولا نسب ولا حرفة ولا صنعة, لقوله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات:13}.
ولقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات:10}.
وفي الحديث الذي أخرجه الترمذي: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد .
وروى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين أو تقوى.
وقد تزوج بلال بن رباح رضي الله عنه وهو حبشي بأخت عبد الرحمن بن عوف، وتزوج سالم وهو من الموالى بهند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة, وتزوج المقداد بن عمرو بضباعة بنت الزبير.
قال ابن القيم – رحمه الله - في زاد المعاد: فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الكفاءة في الدين أصلاً وكمالاً، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر. ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمراً وراء ذلك. انتهى كلامه.
وعلى ذلك فصاحب الدين والخلق كفؤ للمرأة مهما كان نسبها أو شرفها أو حسبها أو مالها, وينبغي تزويجه إذا تقدم لها وألا ينظر إلى شيء آخر وراء ذلك .
أما بخصوص ما تذكر من هذه المهن فبعضها معدود في المهن الوضيعة, فقد نص بعض العلماء على أن مهنة الجزار والحجام والحداد مثلا من أصحاب المهن الوضيعة, وأما النجارة فليست كذلك, كيف وهي مهنة نبي الله زكريا عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
على أننا ننبه أن مسألة وضاعة المهن وشرفها مما يختلف باختلاف العرف والمكان والزمان، فما كان وضيعا في زمان ما قد لا يكون كذلك في زمان آخر وعرف آخر.
والله أعلم.