السؤال
رجل حصل بينه وبين زوجته نزاع جعله يحلف ويقول لها أنت طالق كأمي وأختي في جميع المذاهب ومطرح ما تحلي تحرمي إلى يوم القيامة وكان في صورة غضب شديد، ولم يدر عاقبة حلفه إلا بعد أن هدأ روعه وسكن غضبه، وهذا هو الطلاق الثالث، وقد سبقه طلاق تكوني خالصة، أفتونا على أي مذهب لأن هذا الرجل في حيرة من أمره، لأن له منها أربعة أولاد وهو في غاية القلق، وقد عزم بنية صادقة ألا يجري كلمة الطلاق على لسانه إلى أن يموت ويتوب الله عليه وعلى المسلمين؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فندم هذا الرجل لا يفيده ويصدق عليه المثل: الصيف ضيعت اللبن، وذلك بما أوقعه على زوجته من طلاق، حيث طلقها مرتين ثم أتبعها بالثالثة في قوله أنت مطلقة، وهذا إذا كان قد قصد بعبارة تكوني خالصة الطلاق لأنها لفظ كناية فيحتاج إلى نية.
وأما ألفاظ الطلاق الصريحة فلا تحتاج إلى نية كقوله أنت مطلقة فإذا كان الأمر كذلك كما هو الظاهر فإنها قد حرمت عليه وبانت منه بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ويدخل بها، فإن دخل بها وطلقها من تلقاء نفسه حلت لزوجها الأول، وكان له أن يعقد عليها عقد نكاح جديد إذا انقضت عدتها من الثاني، قال تعالى: فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا {البقرة:230}.
وأما صورة غضبه فلا اعتبار لها ما لم يكن وصل به الأمر إلى درجة فقد الوعي والإدراك إذ لا يطلق الرجل زوجته غالباً إلا في حالة غضب وخصام، وعنده يتبين من يحرص على عصمة الزوجية ومن يتلاعب بها ويجعل هدمها عرضة على لسانه يلفظه في جده وهزله ورضاه وغضبه ثم يندم ولات ساعة مندم.
ففي حاشية الدسوقي المالكي: تنبيه: يلزم طلاق الغضبان ولو اشتد غضبه خلافاً لبعضهم...
قال الصاوي في بلغة السالك: وكل هذا ما لم يغب عقله بحيث لا يشعر بما صدر منه فإنه كالمجنون.
وأما الألفاظ التي نطق بها ذلك الرجل بعدما نطق بالطلقة الثالثة فإنها لغو لا اعتبار له لأنها صارت أجنبية عنه بالطلقة الثالثة.. وللفائدة انظر الفتويين: 11566، 117972.
والله أعلم.