الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جو العمل إذا أصبح مشحونا بالكذب والوقيعة بين الناس

السؤال

أنا شاب أعمل في إحدى دول الخليج في شركة كنت قد عملت لديها في بلدي، ثم قامت الشركة بنقلي إلى فرعها الرئيس في هذه الدولة، المشكلة التي تواجهني أنني أعمل مع صاحب الشركة مباشرة، واكتشفت بعد حين أن أغلب الوعود التي أعطاني إياها مجرد كلام، والأكثر من ذلك أنه هو بنفسه يقوم بالوقيعة بين الزملاء في العمل جميعا لمجرد أن لا يكون هناك أصدقاء في داخل العمل، وذلك ما يبرره هو صراحة، والأدهى أنه بعد وقوع الكثير من المشاكل بين الزملاء بعضهم البعض ينأى بنفسه عن أي مشكلة، وإن لجأ أحدنا إليه تعلل بأنها مشكلة الموظف وبأن عليه حلها بنفسه، بصراحة أنا لا أستطيع أن أجاري هذا الجو الغريب من الالتفاف والكذب الذي أنا مجبر على فعله، لكي يكون عملي مكتملا ولكي يكون هو راضيا، أريدكم أن تنصحوني بما على أن أفعل، وماذا عساي أن افعل معه أو بماذا أنصحه؟ وجزاكم الله عنا خيراً على ما تقدمونه من إرشاد ونصح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد حث الشرع على الوفاء بالوعد، وجعل من يخلف الوعد قد اتصف بصفة المنافق، فقال عليه الصلاة والسلام: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. متفق عليه.

كما أن الوقيعة بين الناس من أفعال مرضى النفوس ولئام الطباع، ولا يظن عاقل أنها طريق لإنجاح سياسة العمل وإدارته، بل إنها طريق للفشل والضعف، قال تعالى: وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ {الأنفال:46}.. فعليك نصح هذا الرجل على قدر استطاعتك، بالحرص على الصدق والوفاء بالوعد والسعي للإصلاح بين الناس، ولا يجوز لك أن تكذب ولا تخادع مجاراة لبيئة العمل أو إرضاءاً لصاحب العمل، وإنما عليك أن تؤدي عملك على الوجه المطلوب، وتعامل الناس بالمعروف وتلتزم الصدق وسلامة الصدر ابتغاء مرضاة الله، وسوف يكفيك الله ما يهمك، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:2-3}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس. رواه الترمذي وصححه الألباني.

والخلاصة أنه ما دمت يمكنك الاستمرار في عملك دون الدخول في ما لا يجوز من الفتن أو الكذب أو غيرهما فلا حرج عليك في الاستمرار، وإثم ما سيرتكب صاحب الشركة يتحمله هو.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني