السؤال
هل دعوتي تستجاب فيما سأقوله. واحد والدته كلمت والدتي أنه يخطبني، وكان مجنونا بي، فجأة الكلام تغير وغيروا رأيهم، والموضوع كان من ثلاث سنوات، وعلى فكرة والدته صديقة والدتي، وأنا من عائلة الحمد لله ميسرة، وهو كذلك. فوجئت هذه الأيام أنه خاطب ولم يعرفونا، وأنا نفسيتي تعبت جدا لما عرفت؛ لأني كنت أحبه لما عرفت أنه سيخطبني. ماذا أعمل، فأنا وكلت ربنا فيه، هل هو ظلمني بهذا أم لا؟ أرجو الرد لأني والحمد لله أنا ملتزمة، ولما كنا نزور والدته في منزلهم ما كنت أكلمه أبدا، بل أسلم عليه فقط. فأنا والله العظيم تعبانة بسبب هذا الموضوع. بالله عليكم تفيدونى بالرد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لك الدعاء على هذا الرجل؛ لأنه لم يظلمك ولم يمنعك حقا من حقوقك، وكونه أعطى هو أو والدته وعداً بالزواج، ثم رجع عن ذلك، لا يعد من قبيل الظلم، فربما طرأ له ما منعه من الزواج منك، بل ولو رجع عن ذلك بلا سبب فلا حرج عليه.
ونذكرك أن أمر الزواج بيد الله وحده، وقضاء الله سبحانه لعبده المؤمن خير، قال النبي صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له. رواه مسلم.
فلا تحزني ولا تبتئسي فربما كان هذا شرا صرفه الله عنك، فإن العبد لضعف علمه وقلة صبره يجزع إذا نزل به ما يكره أو صرف عنه ما يرجو، ولعله خير له. قال سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}
يقول ابن القيم: فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والمحبوب قد يأتي بالمكروه، لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة، لعدم علمه بالعواقب ، فإن الله يعلم منها مالا يعلمه العبد. انتهى.
فاصبري لحكم الله وقضائه، وأكثري من الدعاء أن يعوضك الله خيرا منه، ونوصيك بقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنى فى مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها. فقد جاء في صحيح مسلم عن أم سلمة أنها قالت سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها. إلا أخلف الله له خيرا منها. قالت فلما مات أبو سلمة قلت أي المسلمين خير من أبى سلمة، أول بيت هاجر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قالت أرسل إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاطب بن أبي بلتعة يخطبنى له، فقلت: إن لى بنتا وأنا غيور. فقال: أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة .
والله أعلم.