السؤال
قال تعالى: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ.أجمع العلماء على أن الميتة والدم المسفوح، والخنزير أنجاس للآية الكريمة، مع أن الضمير جاء فيها مفرداً ولم يأت ضمير جمع، فقال: فإنه، ولم يقل: فإنهم، والضمير المفرد يعود على أقرب مذكور وهو الخنزير، فكيف أجمع العلماء على الميتة والدم المسفوح بدلالة الآية؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الضمير في قوله تعالى: فَإِنَّهُ رِجْسٌ {الأنعام:145} اختلف أهل التفسير فيه؛ فقيل راجع إلى لحم الخنزير، وقيل راجع إلى جميع ما ذكر قبله، وهو ما رجحه صاحب التحرير والتنوير، كما بين توجيه إفراد الضمير وكونه عائدًا إلى الجميع فقال: وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ رِجْسٌ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفَاتِ، وَالضَّمِيرُ قِيلَ: عَائِدٌ إِلَى لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَعُودَ إِلَى جَمِيعِ مَا قَبْلَهُ، وَإِنَّ إِفْرَادَ الضَّمِيرِ عَلَى تَأْوِيلِهِ بِالْمَذْكُورِ، أَيْ فَإِنَّ الْمَذْكُورَ رِجْسٌ، كَمَا يُفْرَدُ اسْمُ الْإِشَارَةِ مِثْلُ قَوْلِهِ: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً [الْفرْقَان: 68]. اهـ. وهذا معروف سائغ في كلام العرب، ومنه قول رؤبة بن العجاج:
فيها خطوط من سواد وبلق كأنه في الجلد تلويح البهق
أي كأن ذلك المذكور، قال صاحب تاج العروس بعد إنشاد هذا البيت: قال: أبو عبيدة قلت: لرؤية إن كانت الخطوط فقل: كأنها، وإن كان سواد وبياض فقل: كأنهما، فقال رؤية: كأن ذا -ويلك- تلويح البهق.
وللمزيد من الفائدة انظر مذاهب أهل العلم وأدلتهم في حكم الدم في الفتوى: 3978.
والله أعلم.