السؤال
أريد أن استفتيكم بحكم العادة السرية .. هل لها نفس الحكم دائما ..
فأنا طالب جامعي أغض البصر بفضل الله .. ولكن الفتيات اللواتي يحضرن يبدين زينتهن وأجسادهن .. يجلسون أمامنا وخلفنا وبجانبنا ويسألوننا في كل يوم الكثير من الأسئلة بعضهن بنية التعلم والأخريات بنية التحرش والمخالطة مما يثير لدى الشباب الشهوة فلا أخفيك سراً أن ذلك شكل عندي مشكلة لأنني أغض البصر ولكن الاختلاط في الجامعة يجبرك على رؤية المناظر التي حرمها الله من دون قصد ..
فأرشدوني ودلوني إلى خير العمل .. لأنني في ضيق من ذلك .. وجزاكم الله خيرا..
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا حكم العادة السرية وأنها محرمة كما في الفتوى رقم: 2179.
والعادة السرية شأنها شأن سائر المحرمات لا يجوز فعلها إلا عند الضرورة الملجئة كما لو نزل بالشخص ضرورة ملجئة فتحقق أو غلب على ظنه أنه إذا لم يستمن فإنه سيقع في الزنا لا محالة فيجوز له الاستمناء في هذه الحالة، ويكون هذا من باب ارتكاب أخف الضررين وأقل المفسدتين، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 2720.
أما ما ذكرت من العناء والمكابدة جراء الاختلاط بالنساء في أماكن التعليم المختلطة فهذا لا يعد من الضرورة ولا يسوغ الاستمناء فإن المسلم الحريص على دينه عليه أن يتجنب أماكن الفتن ومواطن الشهوات المحرمة، فيحرص ابتداء على عدم دخول هذه الجامعات المختلطة أصلا وأن يبحث عن غيرها مما لا اختلاط فيه، فإن لم يتيسر ذلك له وتعينت هذه الجامعات طريقا للتعلم، فعليه حينئذ أن يقلل وجوده فيها قدر الوسع والطاقة وأن يقتصر على ما لا بد منه من الحضور في أوقات المحاضرات الهامة وأوقات الامتحانات مع الالتزام في هذا كله بغض البصر، وعليه مع غض البصر بالصوم فإنه يكسر الشهوة ويضعف حدتها، وقد أرشد رسول الله الشباب إلى ذلك في قوله: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
قال النووي: والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المني كما يفعله الوجاء. انتهى.
وجاء في فتح الباري: لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل تقوى بقوته وتضعف بضعفه. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 6995، فإن بها نصائح لمن غلبته شهوته.
ثم عليك بالإكثار من الصلاة وذكر الله فإنهما حرز للمرء أيما حرز من مقارفة الفواحش والمنكرات، قال سبحانه: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ {العنكبوت 45}.
جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ. قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.
وجاء في الحديث أن يحيى بن زكريا قال لبني اسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
وراجع حكم الدراسة في المدارس والجامعات المختلطة وكيفية التحرز من شرها في الفتويين: 5310، 2523
والله أعلم.