السؤال
قرأت في شرح مسلم للنووي في الاستمتاع بالحائض: ثم إنه لا فرق بين أن يكون على الموضع الذي يستمتع به شيء من الدم أو لا يكون، هذا هو الصواب الذي قطع به جماهير أصحابنا وغيرهم من العلماء للأحاديث المطلقة ج3 ص205 .
وقرأت فتوى لفضيلتكم عندما سأل أحد الناس عن إدخال الأصبع في فرج الحائض بأنه لا يجوز فلماذا عدم الجواز رغم أن كلام النووي ظاهره يدل على الإباحة ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس بين ما نقلته عن النووي وبين ما أفتينا به تعارضٌ بحمد الله، يتبين ذلك بقراءة كلام النووي كله، ومعرفة السياق الذي ورد فيه، فإنه رحمه الله، قسم الاستمتاع بالحائض إلى ثلاثة أقسام، فالقسم الأول: هو الجماع، وهو حرامٌ اتفاقاً، ثم قال: القسم الثاني: المباشرة فيما فوق السرة، وتحت الركبة بالذكر أو بالقبلة أو المعانقة أو اللمس، أو غير ذلك وهو حلال باتفاق العلماء، وقد نقل الشيخ أبو حامد الإسفراييني، وجماعة كثيرة الإجماع على هذا، وأما ما حُكي عن عبيدة السلماني وغيره من أنه لا يباشر شيئاً منها، بشيءٍ منهم فشاذٌ منكر غير معروف ولا مقبول، ولو صح عنه لكان مردوداً بالأحاديث الصحيحة المشهورة ، المذكورة في الصحيحين وغيرهما في مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم فوق الإزار، وإذنه في ذلك بإجماع المسلمين قبل المخالف وبعده، ثم إنه لا فرق بين أن يكون على الموضع الذي يستمتع به شيءٌ من الدم، أو لا يكون، هذا هو الصواب المشهور الذي قطع به جماهير أصحابنا وغيرهم، من العلماء للأحاديث المطلقة، وحكى المحاملي من أصحابنا، وجهاً لبعض أصحابنا أنه يحرم مباشرة ما فوق السرة وتحت الركبة إذا كان عليه شيء من دم الحيض، وهذا الوجه باطل لا شك في بطلانه.
القسم الثالث: المباشرة فيما بين السرة والركبة في غير القبل والدبر، وفيها ثلاثة أوجه لأصحابنا أصحها عند جماهيرهم وأشهرها في المذهب أنها حرام، والثاني أنها ليست بحرام، ولكنها مكروهة كراهة تنزيه، وهذا الوجه أقوى من حيثُ الدليل، وهو المختار، والوجه الثالث، إن كان المباشر يضبط نفسه عن الفرج، ويثق من نفسه باجتنابه إما لضعف شهوته، وإما لشدة ورعه، جاز وإلا فلا، وهذا الوجه حسن. انتهى.
فأنت ترى أن كلامه الذي ذكرته مُراده منه بلا شك أن يكونَ على الموضع الذي يجوزُ الاستمتاع بها فيه دم وهو ما فوق السرة وتحت الركبة ، فأين هذا من جواز الاستمتاع بها في الفرج .
ومما يدلُ على صحة ما ذكرناه من أن الاستمتاع بالحائض في الفرج حرامٌ بالجماع وغيره، حديثُ عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها شيئا رواه أبو داود.
وعن مسروق بن أجدع قال: سألت عائشة رضي الله عنها: ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ قالت: كل شيء إلا الفرج رواه البخاري في تاريخه.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: والحديث الأول يدل على جواز الاستمتاع من غير تخصيص بمحل دون محل من سائر البدن غير الفرج لكن مع وضع شيء على الفرج يكون حائلا بينه وبين ما يتصل به من الرجل . والحديث الثاني يدل على جواز الاستمتاع بما عدا الفرج. انتهى.
والله أعلم.